تشهد محافظة القطيف حالة من إحياء المهن التراثية والمحافظة عليها، من قبل الحرفيين والمهتمين بها، ويكون أما بممارستها أو دعمها وتدريب النشء على إتقانها، بل تعدى إلى البحث عن ما هو أثري وقديم وتكوين متاحف شخصية، تتوزع بين مدن وبلدات المحافظة.
وبين هذه الاهتمامات يسأل البعض: عن الدعم المقدم لهم من الجهات الرسمية، وهل سنجد متحف أو مركز لجمع التراث مركز ثقافي، يحمل اسم وتاريخ القطيف؟ وهنا نجد شقين بين من يمتهن الحرف للحاجة لها وبين من يجمع المقتنيات التراثية من الأشخاص للهواية، مع إقامة مزادات للتراث، وكان انطلاق أولها، قبل عدة أشهر في محافظة القطيف.
من جانبه أمتهن زكي الغراش مهنة الفخار التي توارثها أبًا عن جد، وذلك لقناعته بالحاجة الملحة للصناعات الفخارية وصناعة التنور للخبازين، ودخولها في الأعمال الفنية المدرسية، وكذلك لرغبة البعض في استخدامها في مجال الطبخ وأواني الأكل كونها منتجات الصحية.
وأكد الغراش لـ “القطيف اليوم” بأن بعض الحرف التراثية فرضت وجودها والمواطن هو من يمثلها في المحافل والمهرجانات وليس العمالة الأجنبية، وهذا ما دعاه إلى تكوين “رابطة الحرفيين” التي تجمع 15 حرفي من محافظة القطيف، يمثلون تاريخ الحرف في المهرجانات الوطنية، وعلى رأسها؛ الدوخلة، براحة التراث ومخيم سابك، بل تعدى للمشاركة خارج المملكة على المستوى الخليجي والعربي والعالمي.
لجأ حسن المدن مع ثلة من هواة صناعة الخوصيات لتأسيس ” قروب النخلة”، الذي يهتم بصناعة الخوصيات، لقناعته بأن النخلة تمثل حضارة القطيف من المهد إلى اللحد ولا يمكن الاستغناء عنها.
ولفت المدن مع تطور الصناعات ودخول البلاستيك فيها إلا أن كضرورة وجمال تظل الخوصيات لها طلب خاص، وبالخصوص الحصر لحاجة المقابر لها، مع ندرة في ذلك، لذلك عمل على تدريب الأجيال الشابة على فن الخوصيات، لما وجد عندها من رغبة لذلك.
لاحظ الباحث علي الحرز في الفترة الحالية توجه الكثير من الهواة الباحثين عن التراث، وتعدد المتاحف الشخصية في محافظة القطيف، والتي تصل إلى 13 متحف، وهذا ليس لدينا بل كذلك في دول الخليج وعلى رأسها الكويت.
واعتبر الحرز هذا ميل إلى “النستولوجيا” وهو الحنين إلى الماضي من حيث الزمان، والمكان، والأحداث، ويظهر عند الأشخاص بعد سن الأربعين، من خلال الدأب على جمع الأشياء القديمة واقتناءها وإيجاد قيمة ما لا قيمة له، مع ذلك عدها فرصة لتعريف الأجيال الناشئة بالتطورات الصناعية التي تكون مدخل لاكتشاف التاريخ، بالإضافة إلى السعي للحفاظ على الهوية.
استطاع الفنان محمد المصلي تأسيس متحف المصلي، إذ بدأ بجمع التراثيات منذ 50 عامًا، وجعلها في واجهة المدار الثقافي، واستقطاب المهتمين بإقامة المحاضرات والندوات، مع تنظيم مجموعات تراثية مشتركة ومزادات في القطيف والأحساء، لتداولها ونشر الوعي المتحفي بين الناس وخاصة الذين يملكون موروثات شخصية يمكن تصويرها وتوثيقها وحفظها ودراستها بحثا وصيانة.
ونهج حبيب الجنوبي ذات التوجه، باهتمامه بجمع التراث المتمثل منذ عشرة سنوات، للصناعات القديمة، مع تصميم النماذج الخشبية كالسفن.