أكد الاختصاصي النفسي ناصر الراشد، أن الاختلافات الفكرية غير الناضجة تتسبب في توتر العلاقة الزوجية، لذا يجب الانتباه لها جيدًا بإعطاء أهمية أكبر في اللحظة الحالية لأفكارنا وسلوكنا ومشاعِرنا مما يحسن رفاهيتنا النفسية، والمحافظة على مستوى مناسب من الهدوء وأيضًا تقدير الموقف بشكلٍ أفضل.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي قدّمها “الراشد” بعنوان “أراك بوضوح”، أمس الثلاثاء 8 شعبان 1444هـ، والتي نظمها مركز سنا للإرشاد الأسري، التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس في قبو السادة للمناسبات.
وأوضح “الراشد” أن السلوكيات وردات الفعل هي المسؤولة عن نجاح الحياة الزوجية أو فشلها؛ مبينًا أهمية وجود العقل الناضج الذي يهتم بالشريك ويبحث عن نجاح الحياة الزوجية وعدم ترك اللحظات المتوترة تزداد سوءًا، فالاهتمام أهم من الحب.
وأشار إلى أن التوقعات تلعبُ دورًا مهمًا في نجاح أو إخفاق العلاقة الزوجية، فإذا كانت سلبية ستكون مصدرًا للكدر والإحباط وخيبات الأمل وستكون غير مثمرة، ولكن عندما تكون التوقعات إيجابية منبعثة من أعماق المشاعِر فحتمًا ستساعد على خلق روح التواصل وستحقق أثرًا جميلًا من السعادة والاستقرار.
وتساءل عن حالة العقل mind status (الغالبة) كيف تؤثر في طبيعة علاقاتنا؟ وكيف تنتقل من حالة عقل ضارة إلى حالة عقل تتيح لك الحياة الإيجابية ؟ مبينًا أنّ حالة العقل البشرية تسهم في ضبط تفكيرنا ومشاعرنا وسلوكنا الزواجي.
وتابع “الراشد”: “بعض الأشخاص تكون حالة العقل لديه هي التأهب للرد والنقد المستمر والزائد لكل شيء حوله، وهذا يكون مصدر إرهاق للطرف الآخر حيث لا يعجبه شيء ويبحث عن الجزء السلبي في سلوك الطرف الآخر، والبعض تكون لديه حالة عقل يرى نفسه فيها دائمًا على حق وهذه الحالة تنتج سلوك التسلط وعدم القدرة على الاستماع للطرف الآخر”.
وناشد “الراشد” الأزواج، قائلًا لهم: “كن زوجًا بارعًا بأن ترى الأشياء الصغيرة والجميلة في الطرف الآخر، ساعده في الحصول على ما يريد وتلبية الاحتياجات، عليك الانتباه للتأثير الذي يحدثه سلوكك سواءً كان إيجابيًا أو سلبيًا على الشريك. كيف تستطيع الخروج من ذاتك للحظات لتفكر في الآخر، لا تجعل الهدف الرئيس هو السعادة الشخصية، اهتم باليقظة العقلية بدلًا من الاستغراق في الذات وعدم الإحساس بالإشارات التي تأتي من الطرف المقابل”.
وأضاف أن نمط العلاقة الزوجية يمكن أن يستثمر بطريقة بناءة في علاج المشكلات الزوجية، والتي يكون مرجعها عدم تقدير الزوجين لتأثير نوع العلاقة بينهما على حياتهما المشتركة، عليهما تشخيص المشكلة ومتابعتها بالعلاج الاجتماعي. وهنا نجد أن الأنماط تنقسم إلى ثلاثة أنواع؛ النِدِّية، الخضوع، الموافقة.
وشرح “الراشد” خلال المحاضرة نموذج SBAR الذي يتضمن مفاهيم جديدة للوصول إلى حقيقة الأسباب، ومعرفة جذر المشكلة التي ربما تعرقل نجاحات الحياة الزوجية والأسرية، والتي قد تعيق عملية إعادة البناء النفسي والوجداني بين الزوجين وداخل الأسرة.
وذكر أنّ بعض الأزواج قد تنتابهم حالة من الفتور وربما تفقد حياتهم مستوى العائد المعنوي والوجداني فترة من الزمن، مما قد يُعرّض حياتهما إلى الانهيار، مؤكدًا أنه في هذه الحالة يجب عليهما استعادة المتعة لحياتهما باستخدام الاستراتيجيات الثلاث؛ التمثل، والتنشيط السلوكي، وأيام العِناية. وهي؛ الاهتمام، والتقدير، وتبادل الأدوار، والاستمتاع بتربية الأبناء والمشاركة في المسؤوليات الزوجية.
وأوضح أن الاهتمام والمبادرة والمثيرات والأدوار المناسبة والقيم من مجموعة الانتعاش في العلاقة الزوجية، مشيرًا إلى أن القدرة على التصرف بوعي يساعد على تحسين أجواء العلاقة مما يحقق الاستقرار بين الزوجين.
ونبه “الراشد” إلى أهمية الحوار الزوجي الناجح فحين يستشعر الزوجان زحف المشاعر السلبية على حياتهما، يجلسان ليتدبروا أسباب ذلك بلطف واهتمام لحل المشكلة دون أن يُلقي أيهما المسؤولية على الآخر، مشيرًا إلى أهمية الإنصات الصادق غير الدفاعي، وطرح الموضوعات والانتقاد بدون إثارة، وإعادة البناء المعرفي للأفكار الخاطئة.
واختتم “الراشد” حديثه، بتوجيه رسالته للأزواج، قائلًا: “ليس هناك أجمل من الصدق والثقة والحب المتبادل بين الزوجين، أعطوا لأنفسكم الحماية والوقاية بهذه الأمور التي بإذن الله ستحقق لكم زواجًا سعيدًا، أشعلوا شموع الحب والأمل في جنتكم الخاصة لتنعموا بكل لحظاتكم”.