المجتمع أسير الخرافة!.. أليس هذا تطاولٌ وتعزيزٌ للتطرف؟

نقرأ بين الفينة والأخرى أو نسمع أصواتاً صادرة من على بعض المنصات، من شخصيات تسوق لنفسها على أنها إصلاحية، تدعو لتعدد الآراء وتنوعها في المجتمع وتؤكد على أهمية قبول الآخر، كون ذلك سمة من سمات المجتمع المتحضر الثري بالأفكار والآراء المتجددة والمواكبة للعصر.

ظاهراً، جميل جداً ما يطرحه هؤلاء فمن منّا يقبل أن تُمارس ضدهُ سياسة تكميم الأفواه والإقصاء والخصام من قبل أبناء مجتمعه فـ ظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً.. عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ(1).

ولكن في الحقيقة هذه الشخصيات نخشى أن تنطبق عليهم المقولة الشهيرة (أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك أتعجب)، فالمتتبع لخطاب هؤلاء بدقة سوف يصل لنتيجة واحدة وهي أنهم أصحاب خطاب ذي وجهين، وجه متسامح يدعو للانفتاح على الآخر ووجه إصلاحي يقدم تشخيص معين للحالة التي يمر بها المجتمع ويقدم معالجة لها ويقع في تشخصيه للأمور في نفس الخطأ الذي يتهم به الآخر، ليصدق عليه المثل العربي الشهير (رمتني بدائها وانسلت).

فعلى سبيل المثال لا الحصر، تحت أي بند نضع دعوات هؤلاء المتسامحين والإصلاحيين لأبناء مجتمهم بالتخلص من الخرافات ؟ أليس هذا تطاول على معتقدات أبناء المجتمع؟ .

تحت أي بند نضع تصنيف هؤلاء لأبناء المجتمع لعدة أقسام: هذا تيار ديني متشدد وذاك متطرف وهذا تيار إصلاحي وهذا تيار تنويري وهذا معتدل؟ أليس هذا اتهام وتطاول على أبناء الجتمع؟.

تعطي لنفسك الحق باتهام غيرك بالتطرف أو بأنه أسير للخرافة، وعندما تستفزه ويرد عليك مدافعاً عن نفسه وينعتك بالضلال -على سبيل المثال- لا تقبل وتتهم المجتمع الذي تتطاول عليه بأنه قمعي مكمم للأفواه متشدد لا يقبل دعوات الإصلاح التي تراها أنت فقط بأنها صحيحة! وتعود لأسطوانتك المشروخة!!، ألا ترى بأنك تحتكر الحق لنفسك؟ من أعطاك الحق في ذلك ووفق أي معيار، فإن كنت تدّعي بأنك تحّكم عقلك فقد يراك الآخرون بأنك مصابٌ بضرب من ضروب الجنون وهذا رأي ومن حقك أن تتقبله، فما يحق لك يحق لغيرك، فهو أسير للخرافة وأنت أسيرٌ لضرب من ضروب الجنون فتأمل!!

(1) للشاعر طرفة بن العبد

 


error: المحتوي محمي