وجوه من «ديرتي جميلة».. في الملاحة.. إرث علي آل إبراهيم مختلف.. رحل بعد أن جمع عبق «القديم» في متحف لـ أبنائه

نصفٌ منه كان هناك، ونصفٌ منه هنا، رحل عن الحياة وبقي كله في الحياة، فنصفه الأول تعلق بذاك الماضي وتراثه ومقتنياته ورائحة الطيبين أمثاله فصنع من ذلك الخليط كلّه متحفه المنزلي الشخصي الذي ضمّنه مقتنياته الثمينة وأغراض الأجداد وتحفهم الفريدة، وما إن رحل المرحوم الحاج علي سعيد آل إبراهيم عن الدنيا، حتى أكمل أبناؤه ونصفه الآخر مسيرة والدهم المرحوم، فغدا متحف أبيهم بقرية الملاحة بالقطيف مغناطيسًا جاذبًا لهواة التراث ومتعلقي الزمن الجميل، يفتح بابه على مصراعيه لكل من يحنّ إلى عبق القديم، أو من يرغب في التعرّف على حياة البساطة والأصالة.

4 عقود
يروي ابن الملاحة عباس علي سعيد آل ابراهيم والقائم هو وإخوته على متحف والده الراحل لـ«القطيف اليوم» حكاية التراث مع أبيه قائلًا: “بدأت هواية الوالد -رحمه الله- منذ قرابة الـ40 سنة أو يزيد، وكان المتحف حينها شخصيًا فقط وصغير المساحة أيضًا”.

وأكمل: “بتقاعد والدي من شركة أرامكو السعودية، تركز اهتمامه أكثر على متحفه الصغير، فعاد إلى جمع التحف مرة أخرى، وبعدما توفرت له مساحة صغيرة بالمنزل أخذ في جمع التحف القديمة من كل مكان، فكان يشتري بعض مقتنيات المتحف من أشخاص يمتلكونها شخصيًا وبعضها من المزادات داخل المملكة وخارجها، وشيئًا فشيئًا وقطعة تلتها قطعة، وتحفة وراء تحفة كبُر متحف والدي حتى أصبح على ما هو عليه اليوم”.

يوتيوب
ذاع صيت متحف آل ابراهيم في مناطق القطيف، واستقطب ذكره الصحافة والإعلام فأجريت معه المقابلات واللقاءات الصحفية ومقاطع اليوتيوب المسجلة لتلك اللقاءات التي يسرد فيها تعلقه وعشقه لتراث القطيف وأنواع وأعمار المقتنيات لديه، ومنذ حياته وإلى يومنا هذا وباب المتحف مفتوح يلجه الزوار المتعلقون بالتراث والوالهون بالماضي.

مزادات ومقتنيات
يضم المتحف الكثير من المقتنيات الأثرية الثمينة، فقد كان الحاج آل إبراهيم يشتري من المزادات ومن المقتنين للأثريات والتحف القديمة سواء من داخل المملكة أو من خارجها، فهناك أنواع كثيرة من التحف القديمة داخل المتحف؛ كالساعات القديمة والأقفال والجوالات والعملات النقدية القديمة من كل البلدان، والمسجلات والراديو وغيرها الكثير، ويعود عمر أقدم كاميرا تصوير بالمتحف إلى ما يزيد على الـ60 عامًا.

طلب مرفوض
تلقى أبناء آل إبراهيم عروضًا لشراء هذه المقتنيات التي يضمها متحف والدهم، لكنها جميعًا عادت بخفي حنين، فأبناؤه ورثوا تعلّق والدهم بالماضي ومقتنياته وباتوا حريصين على إكمال مسيرته وإبقاء أثره والحفاظ على ما كان يستهويه وما تعب من أجله، فهم جميعًا من إخوة وأخوات يتبادلون الوقت والجهد والاهتمام وبصفة مستمرة في الحفاظ على مقتنيات المتحف وجماليتها ونظافتها، بل إنهم يخططون لتوسعة المتحف أو نقله لمكان آخر أرحب، كما يقوم الإخوة بين الفينة والأخرى بزيارة متاحف منطقة القطيف لتبادل الاهتمامات والمنفعة.

المتحف الزائر
شارك أبناء آل إبراهيم بمتحف والدهم مشاركات مختلفة في المنطقة؛ لعرض مقتنيات المتحف بزيارات مجتمعية، كان منها مشاركتهم في مدرسة الأوجام الابتدائية ومدرسة الجارودية للبنات لتعريف الأجيال الجديدة بتراث آبائنا وأجدادنا وحياتهم البسيطة ومقتنياتهم، وحاليًا لهم مشاركة في مهرجان الملاحة “ديرتي جميلة”.

ابن وأبوه
يختم آل إبراهيم حديثه حول متحف والده قائلًا: علاقة والدي مع التراث والأثريات علاقة أقوى من كلمة وطيدة أو قوية، لقد كان
الوالد -رحمة الله- يقول: “علاقتي بالتراث كعلاقة الأب بابنه” ومن خلال رحلة عمر قضيتها مع والدي ومع التراث فإنني أنصح كل من يهتم بهذا الجانب التراثي، أو يجد داخل روحه ذلك الاهتمام بالماضي وحياة الأجداد أو اقتناء الأثريات بأن يعزز هذا الميول ويغذيه بما يستطيع، فجمع المقتنيات القديمة إرث وحضارة، ويجب أن يتعرف عليها جيلنا الحديث حتى تبقى راسخة للأجيال القادمة.




error: المحتوي محمي