عائد من سفرة والشوق يسبقني وقبل أن أسترد أنفاسي ألقت على مسامعي وصاياها القديمة: “ما تخاف من البرد يا ولدي، چن صماخاتك وادفئ زين، لا يلفحك الهواء، الحين مربعانية لمضرة”.
بهذه الكلمات الموجهة نحوي بملء القلب تستفيض والدتي تحذيرًا بعدم كشف رأسي وتأمرني بتغطية الأذنين مخافة أن تتسلل إليهما برودة الشتاء، وتعاود التنبيه بتنهدات أبعد من جلستنا الدافئة: “ثلاثة ليس لهم أمان، البحر والسلطان والزمان”.
برهة صمت تطوي المسافات ولساني لا أعجل به “يا أمي الله يبعدنا عن جور الزمان”، عبارة تخزنت في اللاوعي منذ الصغر، أتفوه بها متمثلًا منطقها كلما سردت لي “سوالف الجدات”، هي قصص محورة من التراث العربي حول سلاطين الأزمنة الغابرة، وقد أضفى عليها المخيال الشعبي نكهتة الخاصة، بإيغال في التشويق والمفردات العامية ونغمة الإشارات الصوتية وكأن الحدث يقع في نطاق البيئة المحلية لكن السرد يبقى على دلالة المعنى.
هناك مدوّنات شفهية تذهب بعيدًا في خلق حكايا فنتازية “خراريف” ممزوجة بالمرئيات المخاتلة حيث كل شيء يرعب ويخيف، صرير الأبواب في ليالي البارح، تحرك سعفات النخيل في قلب الظلام، أصوات الرعد المفزعة، التماعات البرق الخاطفة.
ويزداد المشهد قتامة عند رؤية بعض الحيونات، التماعات القطط السوداء عند المزابل، رؤية بومة في بيت مهجور، وقفة غراب على حبل غسيل رطب، شؤم يهيمن على أهل الدار بكفوف ترفع “اللهم اكفنا شرك يا غراب البين”، والخوف كل الخوف من صفير الوزغ إذا زاد إيقاعه علامة نذر بقرب انطفاء روح من أفراد البيت!.
نياحة تتسع من انتفاضة جسد مصاب بالصرع، والخلاص على يد “ضرابين الفأل” ليطردوا الجن والنحس والهوس وقلة الحظ. تصاب الأنفس بالتيه من أحلام مفزعة حيث تختلط رؤى المنام بالصحو وكأن الأضغاث واقع مرئي، وللأشباح نصيب حينما تعوي الرياح في ليالي الشتاء القارصة والبرودة اللاسعة.
وتتوجس النفوس خيفة من مناداة داهية البحر “أبومغوي” المتربص “بالگطاعة” ليظلهم عن الدرب ليقعوا في الكمين، ورعب الرعب من وحوش البحر، سمكة “الراجوه” إذا عضت بحار تبث سمها القاتل في جسده، يقع فاقدًا للوعي يترنح بين الحياة والموت، والخطر الداهم تصاعد الأمواج الساحبة وحركة الدوار “عافور الماء” و”هچعات الخور” هلاك مطبق.
صراع الأولين مع كل ما يحيط بهم جعلهم في قلق مستدام، التنفيس بخلق قصص من وحي المشاهدات والتهيؤات للانتقام من الهواجس والفقد والخسارات. تقول والدتي وكأني بعهد الصبا لم أبرحه “البحر چلب والبرد چلب”! تشبيه جرني ذات يوم بتعجب واستفهام حتى خلت نفسي أرى البحر والبرد يزمجران نباحًا مثل كائنات أسطورية تخرج من قلعة تاروت متدليات على “عين العودة”، ألهث مذعورًا متدثرًا بترديد قراءة المعوذات التي تتلوها أمي وهي تدعك جسمي “بالشملة” وسط حوض “الحلقوم” متكورًا في حضن الماء طالبًا المكوث فيه لمدة أطول متنعمًا بسخونته المنعشة، لكني في نفس الوقت مرعوب من الأخبار المتداولة عن “ديدعة العين” التي أغرقت الصغار وسحبتهم عمقًا للتنور، فارقوا الحياة ثم ألقتهم بين “اللحف” و”الفچحة” وبعضهم علقوا بين صخور “حمام باشا” و”لرملي” كتمائم طافية. صور تتلاحق بدقات قلب يخشى من امرأة حدباء تقف بجوار “عين العوينة” ترفع عكازها والشمس في غروب، ونخلة حزينة وحيدة بجوار عين “هرهر” لا تسكن سعفاتها من الحراك كأنها تلقي سلامًا على المستحمات، بعد أن حل الظلام، “گفة” ملابسنا موضوعة على صخرة مكعبة، رمتها الريح وبعثرها عند المنحدر، سحبها الماء واستقرت عند “الطرفاية” بالقرب من بستان بيت الحداد، أتت بها “الحاجية” وهي تشجعني بترك الماء المتصاعد بالأبخرة، كثافة تحجب الأجساد عن رؤية بعضهن البعض، تنتشلني النسوة من “الحلگوم”، وتلفني بأحد أرديتهن كأني طفل رضيع، أنتفض من شدة الخوف والبرد مثل سمكة “گرگفانة” للتو أخرجت من حياة البحر، يرتعش جسمي والحنك يصطك بالحنك طلوعًا ونزولًا.
نهرع لمنزلنا في الديرة، وعلى عجل تشعل أمي نار الحطب، لهيب “المنقلة” يضيء وجوهنا بالتماعات العيون، أتدفأ مع إخوتي الصغار وحين ينطفئ أوارها ننسحب للنوم، لكن جسمي طوال أيام البرد لا شيء يدفيه حسير من لبس “الكوت” إلا من “لفاف” مهترئ، تعقده أمي ربطًا على رأسي مرورًا بالأذنين “ادفى يا ولدي زين”.
آه من رعب المدرسة لمن لم يحل الواجب والأنف مزكوم يتقاطر بللًا على كتاب الحساب، الطلاب الكبار أثناء الفسحة يصرخون “اويلي من المدرسة من الحساب والهندسة” لا أستطيع أن أجاريهم في الترداد لأن حلقي محتقن والتسميع إخفاق، العلاج المتوفر عند والدتي بمبر ساخن وعند وجع البطن شاي لومي أعماني والسلام.
أزداد تعبًا وخمولًا جراء سعال يخنقني خنقًا كحبل مشنقة، يجبرني والدي بشرب كأس حليب دافئ تطفو على سطحه بيضة غير مستوية، أتأمل المحاحة البرتقالية كأنها قرص شمس عند المغيب أبلعها على مضض وأشرق أحيانًا، ولساني يتمطق بالمزيج المعطر بالهيل.
أدخلوني الأولاد في نزاع وجودي بأن الذي يأكل بيضة طرية “نية” ستتحول إلى”طوير يكاكي في بطنه” صوص يتكون في المعدة ويحيا على الأكل النازل له من البلعوم، ويكبر ربما يصير ديكًا أو دجاجة وعند الجوع سينهش المنقار الرئة أو القلب!
هو المشهد المثبت في الذاكرة حين قام “أبو عظيم الدرازي” الذي يمثل دور الدكتور لإجراء عملية رجل منتفخ البطن كأنه امرأة حامل “حسين يوسف سماعيل” وهو يتضور ألمًا وبعد عناء وصراخ أخرج من بطنه دجاجة حية، أمسك الدكتور بأرجلها، ثم يتقدم بها على منصة المسرح “هذه من متى عايشها في بطن هالحنيچ”، غرق الجمهور في الضحك ودار الهرج والمرج بين الحضور والممثلين.
انتهى حفل نادي النصر بتاروت لعام 1969م، وعند الصباح حديث المهنئين بعيد الفطر السعيد يملء فضاء السوق بهجة وقبلات، ومن رأوا الحفل يستردون المشاهد الفكاهية ودندنة الأغنيات الطربية “مثل صبيا بالغواني ما تشوف” أداء حبيب حمود، وأغنية فريد الأطرش “الربيع” الذي تفنن بأدائها “وحود” عازف العود والفرقة الموسيقية من خلفهما تتماهى قيادة وألحانًا.
تهاني وتبريكات منثورة على محيا الناس لكن الحزن يلفّني لفًا، حتى الفرح بالعيدية غير ذي بال، ثمة مخاوف تسكنني بأن ابتلاعي للبيض “الني” غير المستوي ربما يتحول لدجاجة تحيا في جوفي فأحتاج لعملية مشابهة مثلما حدث على منصة المسرح ليلة البارحة، كيف أذهب “للدكتور” و”يشگ” بطني، وأنا المسكون بالخوف من رائحة ديتول “اسميتار الربيعية” ذي الرائحة النفّاذة التي توجع الرأس بمجرد الدخول للمبنى. أخاف من كل متعلقات المستشفى فإبرة التطعيمات رعب لا يطاق.
حيرتي تتسع بحجم سنيني التسع، هل أترك طائرًا يحيا في جوفي ويلتهم أحشائي، أنظر لبطني وأتحسسه تحسبًا من انتفاخه، تصور يتعاظم جراء كلام دار بين أمي وجارتنا أم عبد: “مسكينة افلانه متحسرة على الظنه، كلما حملت تسقط، يقولون دودة في بطنها تأكل أولادها”.
يتسع الخوف وتتصاعد الحيرة عن كيفية انتفاخ بطون النساء، منظر يدعو للدهشة، هل بلعن ثمرة ما أم تناولن أكلة ليرتفع هكذا، ثم يلدن بعد حين ذكرًا أو أنثى، كيف يحصل ذلك؟! وكيف لدجاجات الفريق أن تبيض وترقد عليه وبعد مدة يفقس وتنتشر منه الفراخ على امتداد “حوش” البيت.
ذات صبح في بيت خيلان أمي “آل زرع” سمعت النسوة يتحدثن عن حالة ولادة حمارة “أم العباية”، خرجت حافي القدمين من دار حبابتي “مخلوقة” -جدة والدتي- خطوات وقفت عند باب الزريبة أتدافع مع الصغار وإذا بالحمارة نائمة على جنبها رافعة ذيلها للأعلى، وعيونها جاحظة، وبعد لحظات من الفرجة أبصرنا رأسًا يطل على الدنيا شيئًا فشيئًا خرج من رحمها جنينها كاملًا ملفوفًا بكيس أبيض متهتك مشوب بالدماء، بالكاد يتحرك على”لدهاس” -أرضية الزريبة المليء بروث الحيوانات – دارت نحو وليدها تلحس بلسانها السائل العالق بالبدن، والمشيمة بلون بنفسجي محمر دفنت عند “الركية” خارج الحضيرة، أبلغونا الأهل أن الحمارة أنجبت مولودة “جحشة” كانت لا تفارق أمها، نمت وكبرت وترعرعت بين الزريبة ودروب المعامير، ومع هذا المشهد الحي الذي وقع أمامي رحت أسأل كيف خلقت هذه “الجحشة” وكيف تكونت في بطن أمها، وبالمقابل كيف يتكسر قشور البيض وتخرج منها كائنات تدب على الحياة، كبر السؤال عن سر الوجود!
والبراءة تائهة على مقاعد الدرس بعرض صور تعليمية على السبورة من لدن الأستاذ وهو يحدثنا بلكنة فلسطينية “هذا طائر، وهذا حيوان أيهما يولد وأيهما يبيض” نتسابق في الإجابات، ينبري الضحك قهقهة من الأفواه حينما يخطئ أحدنا. نخرج من قاعات الدرس عند منتصف النهار وأصواتنا تضج الآذان فرحين بذهابنا لمنازلنا محلّقين ركيضًا باندفاع ونتعثر ببعضنا البعض وكأننا طيور تخرج من أقفاصها، نضرب براحتنا على الحقائب وبعض الألسنة تردد “على البيت يا چلب البيت”!
من ألقى على مسامعنا لنردد ذلك القول؟ أمن صريخنا على مقاعد الدرس وارتباك بمسك الطبشور والقلم، بجر صوت ممزوج بالبكاء “أبغى أروح إلى أمي”، يرتبك الفهم من قول والدتي: “الأم مدرسة للأولاد اتعلمهم الصلاة والطهارة، توديهم لمعلم، وتعلمهم الطرق السنعة”، عبارة أكبر من وعي البراءة بسؤال كيف يقترن تشابه كائن حي لمبنى صامت.
تقريع ينتابني بعدم استيعابي والشكوى عند أمي بأن الأستاذ اليوم ضربني، تسمعني تلطفًا: “العلم بالمدارس والنخل بالمغارس”، وتفهمني توضيحًا أكثر “العلم إذا ادارسته بتعرفه، والنخل ليمن غرست فيه زرع وسقيته بينبت ويكبر”. جميلة هي المدرسة حينما نسمع الأناشيد ونرددها بصوت جماعي داخل الصف، ونرى الأسطح توشحت جمالًا، والدهشة فينا تكبر حين رسم مدرسنا “أحمد أبوالهيجاء” مبنى مدرستنا “الغالي” القابع وسط غابة من النخيل، محاكاة عينية للواقع، لوحة معلقة على جدار الفناء الداخلي للمدرسة، وتدور الأسئلة كيف اختزلت يداه كامل المحيط في لوحة مستطيلة محددة، عيون الأولاد المتعجبة يمدون السبابة نحو عنصر معين “شوف شوف حتى النخلة المنعوجة كيف رسمها أستاذنا أبو الهيجاء”! خلت النخيل المرسومات حياة ناطقة متحركة بسعفاتها والمبنى هندسة معمارية متفردة.
أي إعجاز يقوم به الفلاحون وهم يتسابقون نحو صعود الباسقات الطوال، كيف يرون العالم من فوق؟ ونحن نبصرهم بين موسم وآخر. فكرة درجت على ألسنتنا وتبنّاها وعينا “إذا تبغى تركب أية نخلة اكسر بيض العصافير على ارجولك”، صدقنا الفكرة وعملنا بها كأننا قطعنا تذكرة الصعود، فعلنا مرارًا والنتيجة وقع بعضنا على ظهره وسط “مساقي الماء” بينما الأعشاش مبعثرات، كم وأدنا من فراخ كانت ستخرج من البيضات!
يؤنبنا الضمير ورسل الأحلام تفزعنا ليلًا بأننا سوف نعذب يوم القيامة، لكننا نلهو بأكل حلويات بيض الحمام، ندلع ألسنتنا ركعًا أمام سطح حمام تاروت، نرى وجوهنا واللسان اصطبغ حمرة زاهية. “نتمضمض”، نتسابق من الذي يبصق الماء من فمه لأبعد مسافة ممكنة، نقهقه والرذاذ يتطاير على الجيوب والوجوه، نجوب الدروب وما أن يحل الظلام نهرع خوفًا حين تبرق السماء والملاذ تحت “سوابيط” الديرة ونهتف “غيمت الغيمة على شباب افطيمه” و”غيم غيم رحمش الله ياافطيم”، تخاطبنا الأمهات من النوافذ “يالّه كل واحد يدش بيته بيته حتى لا تأخذكم بريگوه”!
تنعقد ألسنتنا “ابريگوه.. ابريگوه”. نظن أن كائنًا نورانيًا سيخطفنا لما فوق الغيوم، نرتبك ونتوجس خيفة بعدما طرق مسامعنا ملا خليل أبوزيد “يكاد البرق يخطف أبصارهم”، نلتفت على بعضنا برمشة لا تهدأ لفهم معنى الآية، يقطع دابر الجدل صوت الحاجية: “يا أولادي لا طالعوا في البرقه تالي تعموا”!
يجول النظر نصف “تغميضة” خوفًا من ومضات البرق، ينقبض التنفس وترتبك المشاعر على وقع زمجرة الرعد، نرتجف ونقلق، لكن الظنون تذوب عندما تبكي السماء، نرقص فرحًا ونرخي رؤوسنا للوراء فاتحين أفواهنا لتلقي القطرات العذبة، ونردد “طاح المطر علينا واليوم ما سقينا.. سقينا سبع دواخل”، نتكوم عند باب ونجري لباب آخر وقد وضعنا “خيشة” على رؤوسنا علها تخفف عنا كثرة البلل، نفرد أيدينا وندور على أنفسنا لتلقي بضع زخات، نمسح وجوهنا بماء السحاب، نرى النسوة فوق السطوح يربطن رداء من زواياه الأربعة معلقًا في حدود متر وفي وسطه قطعة حجر وفي الأسفل “صفرية” يتجمع فيها ماء المطر، وهن يرددن “مطرت المطرة على شباب العذرة”، أما كبار السن فيقطبون الجبين ويتمتمون استغفارًا، وعند ازدياد الانهمار يكثرون من قول “زيده وارحم عبيده والكرم والجود بيده”.
المطر خير ونعمة وفي نفس الوقت تأفف وضجر إذا تسلل نحو غرف النوم، لا مكان لفرد منام ولا بسط “حصير”، ويدور الكلام المتبادل بين الجيران “خريتوا؟- أف خرينا بالبوعات”، وإذا طال الانهمار أيامًا، حيرة في نشر الثياب الرطبة، عندها يتحول حبل الغسيل داخل “الچندود” أو على امتداد “العگد”. هكذا يتصرف ساكنو بيوت الطين، أما أهل الأكواخ أصحاب “بيوت العشيش” فتتحول أيامهم لمشاق وكدر، لا ملجأ يقيهم من قسوة برد ولا من زخات مطر، الشتاء في عيون الفقراء كابوس مؤرق وسفر خيال موحش.
يحكى أن رجلًا يسكن مع زوجته في كوخ وسط غابة نخيل، وبينما الاثنان غارقان في النوم، احتاج الرجل لتلبية نداء الطبيعة، تردد في الخروج وحده، فأجلس زوجته عنوة، فزّت مذعورة، وقال لها اخرجي معي لتؤنسي وحدتي لأن الأجواء موحشة ومخيفة، جاوبته بحنق: أنت رجل تخاف من الرعد والبرق! أطاعته بعد جدل وعلى مضض، وبينما هو يقضي حاجته، أرادت الزوجة إيخافه بصوت عالٍ وبنغمة خشنة “يابريگوه يابريگوه تعالي إخذي رجلي، وفكيني منه”، ثوانٍ أضاء البرق المكان وخطفه نحو السماء! ظلت المرأة تقص حكايتها للقاصي والداني: “زوجي حبيب تميم الدار خطفته ابريگوه في السما العالي”، ظلت تنوح ليل نهار لفقدان زوجها الغالي، وبعد مرور سنين يئست وقطعت الرجاء لعودته للأرض، فقررت مستسلمة الزواج من أحد رجال البلدة، وفي ليلة عرسها وبينما الجميع يتحضر لحفل الزفاف، أعادت “بريگوه” الزوج الغائب وأنزلته مكان الفرح! سكن الطبل والزمر، وعم الصمت، وقفت المرأة بثوب العرس والعيون في ذهول!
حينما نصحو من أسفار “الخراريف”، التي آنستنا ليلًا نرى الدنيا في صباح اليوم التالي وقد ازدانت بنور الشمس، نهتف بالمتوارث “صحو صحو زعلت العمة على ولد الأخو، صحو صحو رحمك الله يابن سهو”.
رحم الله من أفاضوا علينا بخيالهم الواسع كامتداد النخل والبحر.
سرديات أمي تأخذني لما وراء الحكاية، أي ذائقة تخيلية ملكتها تلك العقول؟ هم جلبوا على ذلك، فأي شيء يرعب ويخيف سواء صحوا أم ناموا يكون التصور حاضرًا على خلق عوالمه الميثولوجية.
تظل عبارة أمي “البرد چلب والبحر چلب” أشباح تلاحقني بين اليقظة والنوم.