القول الجاري على ألسن الناس هو: ربّ ضارةٍ نافعة، وهذا ممكن وحاصل بالتجربة والبرهان وأقرب دليل على ذلك الحقنة التي استوفيتها يوم أمس وأرجو ألا يطول ألمها، فهي في الأصل ضارّة لكنها تقوي جهاز المناعة، فماذا عن الضَرَّة وهي الزوجة الأخرى التي تنافس المرأةَ على زوجها؟
تنافس الضَرَّات – الضرائر – والغيرة والحسد إلى الحدّ الأقصى ثابت، مع ذلك رأينا في بعض الضرّات تعاونًا على الخير من أجل مصلحة العائلة والزوج. من أجمل حالات التعاون حين تكون المرأة عاقرًا لا تنجب فتنصَح زوجها بالزواج من أخرى – ضرّة – وأحيانًا هي من تقوم باختيارها. رأينا وقرأنا عن ضرّات ربينَ أبناءَ ضرّاتهن، ونساء اختلفنَ مع أزواجهنّ وتطلقن، وبعد أن تزوج الرجل عادت العلاقة.
من حكايات الضرائر الثابتة في التاريخ قصة سارة وهاجر زوجتا إبراهيم عليه السلام، و”يقال” إن إبراهيم عليه السلام ابتاع هاجر من زوجته الأولى سارة فولدت له إسماعيل عليه السلام. اغتمَّت سارة وأدركها ما يُدرك النساء من الحزن لعدم الإنجاب وقد بلغت سنًّا لا تلد فيه النساء. كبرت سارة وكبر معها إبراهيم عليه السلام وجاءت المعجزة من الله في حمل سارة وإنجابها على كبرها بإسحاق عليه السلام وبقيت حتى رأت أحفادها.
الرسالة هي أن الأمور قد تضطر الرجل إلى الزواج من زوجةٍ ثانية وإن كان لا بدّ للمرأة من الغيرة والتنافس وذلك من سجايا النساء الجميلة، إلا أن استمرار الحياة والمودة يقتضي أن نتعلم من حكاية سارة وهاجر وما كتب الله لهما من خير. أما القاعدة الذهبيّة فهي “التوحيد” أي الزواج من واحدة فذلك مدعاة إلى سلامة اللحية من النتف كما يقول المثل: بين حانة ومانة ضاعت لحانا!
{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} أي الزواج من أكثر من زوجة إنما يجوز إذا أمكن مراعاةَ العدالة بينهن، أما إذا خفتم ألا تعدلوا بينهن، فليس إلا زوجة واحدة لكي لا تجوروا على إحداهن. ومع أن تعدد الزوجات مطروح شرعًا إلا أن الواقع يحكي أن نسبة تعدد الزوجات في مجتمعنا نسبة ضئيلة جدًّا، وربما هي في انحسار وتراجع!