ديرتي الجميلة

تتجادب الأرواح في هذا الشهر الفضيل بين الأمس واليوم بين إحساس الماضي الجميل وبين اليوم الأكثر علمًا ومعرفة ووعيًا لكن يظل كل جيل لهُ مميزات عن غيره.

فأنا أرجع بذاكرتي إلى الماضي الذي عشت فيه أو من خلال سرد أمي لي أو أبوي وجدتي لأمي رحمهم الله من الحِكايات التي عشتها وعاشوها قبلي تحديدًا قبل أربعين سنة إلى بداية السبعين سنة كان في هذا الوقت من السنة تفرح الناس في الشراك وهو عيد للأطفال من يتعلم منهم القرآن وشراك أو اشتراك أطفال المعلم لجلب لوازم الطبخ من أرز وبصل وغيره للمعلمة لطبخه وتوزيعه عليهم وزيارة المساجد أكثرهم كان من النساء والأطفال رغم قلة الدخل المادي والعلمي أيضًا وكانت تمتاز بعض المناطق عن غيرها في المستوى العلمي والمادي نوعًا ما. ومن المناطق المميزة هي الديرة في منطقة تاروت حظيت بالنصيب الأكبر لكثرة المعلمَات التي تعلم القرآن الكريم وهذا لا ينفي وجود معلمات ومعلمي قرآن في بقية المناطق المجاورة لتاروت ربما لأن الديرة تعتبر هي الأم الحاضنة لهم.

أولًا/ لأنها منطقة أثرية وعلى تلة مرتفعة عن مستوى الأرض. ثانيًا/ توجد فيها أكبر عين للسباحة والسقي. ثالثًا/ كانت مليئة بالسكان وتوجد فيها حركة البيع والشراء أكثر من غيرها. رابعًا/ لقربها من السوق الرئسية التي يأتي في البيع فيها من دارين وفريق الأطرش وغيرها من المناطق لبيع السمك أو الرطب وباقي المنتوجات التي تتوفر في كل منطقة. كما تنوعت فيها أعمال الحرفيين في كل الأعمال مثل الخبازين ومن المرحومين فيهم أبو حسين قيس ومنهم من عمل في الحدادة كعائلة سهوان والبيع والشراء لجميع مستلزمات البيت والأسرة أشهرهم عائلة العماني مثل سوبرماركت اليوم مثل تحدثني أمي تقول منذ كانت طفلة صغيرة تأتي مع أمها المرحومة ليلي مهدي زرع لشراء ثياب العيد وأيضًا عمها الحاج حسن حماد أبو الشيخ غالب كان دكانه متنوعًا كذلك لكنها تقول لي ليس مثل دكان العماني، وأنا أذكر أيضًا عندما كنت صغيرة كنت أذهب لشراء بعض الأكل كنت أرى أنه يأتي له الناس من دارين لشراء حاجاتهم من عنده وربما يأتي لهُ من باقي المناطق لكن كنا نميّز أهل دارين بسبب لبسهم الشعبي ولهجتهم وأيضًا كنا نراهم في عين تاروت لأن الديرة كانت مميّزة عن غيرها.

نعود بكم أحبتي القراء لأصحاب المهن ويوجد بها الصفارون ومهنتهم تلميع الأواني النحاسية القديمة من أجل الطبخ فيها وأشهرهم عائلة الصفار والحلاقون مثل المرحوم أبو حسين شلمه كان في يده أكثر من مهنة وهي بالإضافة للحلاقة كان يوجد عنده خياطة أو ترقيع النعلة القديمة وختان الأولاد، ويوجد في الديرة وحدها أصحاب منهم كثيرون لا يسع ذكرهم هنا لأنه سوف يطول الإسهاب والإطناب في ذلك لكن مهنة واحدة استوقفتني لا توجد فيها! وهي صياغة الذهب لم يكن الموجود فيها غير المرحوم أبو عبدالعظيم الحسين وهو حساوي من الأحساء وأيضًا المرحوم أبو جعفر الأحسائي صاحب مجوهرات السلام حاليًا فقط!.

رحمهم الله جميعًا ورحم الله تلك الأيام التي لن تعود وستظل ذكرى لنا حتى نخبر بها الأجيال القادمة إن شاء الله.



error: المحتوي محمي