في أغلب الأيّام أتصفح المواقع المحليّة، وعادةً ما أفاجأ بأحد المعارف من الشبّان، ومن غير ذلك من الأعمار، في قائمة الراحلين.
أصاب بوخزة ويقظة في تلك اللحظات. ولأنني -وأنتم- بشر من طبيعتنا النسيان، ننسى أو نتناسى أنّ الحياة مجهولة الطولِ والكمّ، وقد تنتهي في أيّ لحظة. ولأن ذلك قد يحصل أن نكون واحدًا من الأسماء، لا سمح الله. شيئان لا بدّ من التفكير فيهما جيدًا:
أولًا: أن نكون ممتنين لله على العمرِ الذي وهبه لنا، وأن نستمتع بكل لحظةٍ غالية وثمينة فيه.
ثانيًا: نستفيد من كلّ لحظة، ولن نستطيع بأيّ حال، إذن قدر ما نستطيع الاستفادة من هذا العمر الفاني والجَسد البالي من أجل شراء العمر الأبديّ الدائم بعد انتهاء الحياة الدنيا.
هناكَ أناس يعيشون -مع الأسف- تعساء! من يدري ما النتيجة؟ وما المصير آنذاك بعد انتهاء العمر؟! لذلك لا بد أن نضع عشرةَ خطوط تحت كلمة “ممتنين”. لم يكن الله مجبورًا أن يهبنا الحياة، إذ لو شاءَ أن لم يخلقنا لفعل، لكنه وهبنا نعمةَ الحياة دون مقابل.
أمرٌ مرعب جدًّا، السرعة التي يدور بها العمر والزمن في هذه الآونة! الثّانية هي الثّانية، السنة هي ذاتها، لم تتغير، لكن إحساسنا والدوشة والدوامة التي نحن فيها تجعل شعورنا بالوقت يمرّ سريعًا! لذلك؛ توقّف، خذ نفسًا، ما هو كائن سوف يكون! احسب كلّ لحظة، وإن كانت في متعة، قربةً لله تعالى، سوف توضع في كفة أعمالك الصالحة. لا تحمل حقدًا غير مبرر وإلا فأنت تحمل بين جنبيك وزنًا غير مفيد.
ورد عن الإمام الصادق -عليه السلام-: “من اعتدل يومه فهو مغبون، ومن كان في غده شرًّا من يومه فهو مفتون، ومن لم يتفقد النقصانَ في نفسه دام نقصه، ومن دام نقصه فالموت خيرٌ له”. ماذا لو كنا نبيع ونشتري، أفلن نعدّ النقود قبل غلق الدكان، كم ربحنا وكم خسرنا؟ من علامات النجاح في التجارة أن يكون البيع في اضطراد وتقدم لا في تساوٍ أو تقهقر.
ممتنون أشدّ الامتنان لك يا ربّ على النسائم الطيّبة التي تغمرنا بها في أعمارنا! عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-: “إن لربكم في أيامِ دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا”.
وبما أن هذه الخاطرة خطرت في ذهني ليلة الجمعة والسماء للتو كانت ممطرة وأبواب الاستجابة مشرعة، خالص الرجاء من الله أن تهبّ علينا -جميعًا- هذه النفحات والعطايا وأن نكون في حالة تأهب وعزم على التعرض لها.