طرقَ رجب الباب قلنا ادخل يا رمضان!

تكرّ الأيام وتعود مرةً بعد أخرى مثل خرز المسبحة؛ يوم، أسبوع، شهر، ثمّ سنة دون أن نشعر بسرعتها. ها هو شهر رجب حطّ في دارنا في فصلِ الشتاء فأهلًا وسهلًا بشهر رجب. يحط شهر رجب وتحط معه البركات والذكريات؛ تمشي بين البيوت وتشمّ روائح شهر رمضان فذَا يقضي ما عليه من صيام خوفًا أن يفوت الوقت وذاك صائم تقربًا ومحبةً إلى الله تعالى!

تخيل نفسك تسير إلى شهر رمضان؛ أول محطة تنطلق منها اسمها شهر رجب، تتزود بالوقود حتى محطة شهر شعبان ثم تحط الرحالَ في شهر رمضان. تقولون: أوف، شهر رمضان بعيد جدًّا! قبل أيام كنّا في سنة 2022م، ألم نقطع شهرًا كاملًا تقريبًا في سنة 2023م! فكما اقتربت المسافاتُ في هذه الآونة، الأزمنة أيضًا تكاد تسبق الريح! ليس إلا غمضة عين ويأتي شهر شعبان ثم شهر رمضان! في العصر الحديث أصبحت الحياةُ أسرع من عدو الفرس، جري وركض ودبك منذ أن تطلع الشمس حتى تغيب.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “سمي شهر رجب شهر الله الأصب لأن الرحمة على أمتي تصب صبّا فيه” ويقال الأصمّ لأنه نهى فيه عن قتال المشركين وهو من الأشهر الحرم. النكتة هي إذا كان الله يصب رحمته في شهر رجب، ألا تحتاج الرحمة إلى من يفتح قلبه وعقله وذراعيه من أجل أن يحوشها في الإناء؟ بعض الأيام والشهور – مثل شهر رجب – تشعر فيها بأنك تنتظر شيئًا جميلًا سوف يحدث وأن وعاء روحك وجسدك مستعد لهذا الحدث.

عندي لكم دعوة صادقة أن تقطعوا شهر رجب وشهر شعبان في الخير وتصلونَ شهر رمضان وتطلع عليكم أقمار كل الشهور وأنتم في أصفى العيش وأرغدِه، لا فاقدين ولا مفقودين. وقبل أن أودعكم، أنقل لكم ما رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام:
“إذا كان يوم القيامة نادى مُنادٍ من بطنان العرش [أي من باطن العرش وقلْبه]: أينَ الرَّجبيّون؟ فيقوم أُناسٌ تُضيء وجوههم لأهل الجَمْع، على رُؤوسهم تِيجان المُلك مكلّلة بالدُّر والياقوت، مع كلّ واحدٍ منهم ألف مَلك عن يمينه، وألف مَلك عن يساره، ويقولون هنيئًا لك كرامة الله عزّ وجلّ يا عبدَ الله، فيأتي النداءُ مِن عند الله جلَّ جلالُه: عبادي وإمائي، وعزّتي وجلالي لَأُكرِمنّ مَثواكم، ولَأُجزِلنّ عطاياكم، ولَأُوتينَّكُم من الجنَّة غُرَفًا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ونِعْمَ أَجْرُ العاملين، إنّكم تطوَّعتم بالصَّوْم لي في شهر عَظَّمَتُ حُرْمته وأَوجبتُ حقَّه. ملائكتي، أدخِلوا عبادي وإمائِي الجنّة”. “هذا لِمَن صام مِن رجب شيئًا ولو يومًا واحدًا في أوّله، أو وَسَطِه، أو آخره”.



error: المحتوي محمي