[دليلك لترسيخ العقيدة ومفاهيم الوجود لطفلك]
ما إن تحلق بين طياتِ هذا الكتاب تجدهُ يحمل جانبًا علميًا جميلًا للمراحل الأولى في تطور الجنين منذ الأسابيع الأولى إلى نهاية الأسابيع..
يتناول انقسامه إلى أن يتشكل على هيئة جنين فيكبر ويتكامل مع جميع أعضائه إلى أن يكون جاهزًا للخروج من رحم الأم..
السؤال هنا يقبع في ذهني:
ماذا سيحمل قلب الأبوين تجاه هذا الضيف الجديد بعد التعرف عليه وعلى مراحل تكوينه ومجيئه؟!..
فمسألة المشاعر المختلجة والمختلفة ما بين الفرح والسرور والقلق في عدم فهم الطفل ومعرفة رغباته وحاجاته طبيعية جدًا ولا تخرج عن مألوف نظام الأسرة الجديد..
وهنا يضع بين أيدينا الكاتب والاختصاصي النفسي محمد سليس، شُعلَة وهاجة وهي (التقبل)..
بمعنى: تقبل المسؤولية والاستعداد لها من جميع الجوانب الحسية والمعنوية والعاطفية..
تناول الكاتب نقاطًا مهمة ذُكِرَت في الكتاب وهي: بناء المفاهيم وماهية المفاهيم لدى الطفل، بحيث نجد أن أعماق الطفل يستمتع بالمعرفة وحب الاستكشاف لكل جديد..
وهنا يأتي دور البالغين من حوله في مساعدته حبًا وكرامة وليس تقليل شأن لطفل صغير نعتقد سهوًا أنه لا يشعر..
فكل ما يريد فهمه ومعرفته يحتاج وقفة احترام ليشعر بالمحبة والانتماء والاحتواء من غير حرج وقتل مشاعره بغير قصد..
الطفل يحمل مشاعر حقيقية وشعوره يساوي شعور البالغين ولكنه لا يفقه التعبير عن مكنونه الداخلي ويكتفي بإصدار الإشارات والحركات والرسالة هي لفت الانتباه لنداء داخلي في قلبه يريد المساعدة وتفهم احتياجاته..
<هو يتعلم إذًا هو يشعر، هو ليس عاجزًا بل هو باحث عن متعة المعرفة والاستطلاع ليمرح ويستمتع..
ولكي يكتسب المهارات السلوكية والأخلاقية والخبرات المبنية على التجارب يحتاج منا إلى استيعابه وعلى هذا يتأثر مفهومه ويكون في مسافة أمان وحماية من الأبوين، فيكتسب منهم الثقة بالنفس وتقدير الذات واحترام المشاعر عند حاجته لأي شيء أثار فضوله نكون موجودين لمساعدته وهكذا نجعله مفكرًا واعيًا يستوعب مفاهيم الحياة وما هو أكبر..
الطفل يحمل توقعات كبيرة لا حدود لها من فطرته النقية فعن الإمـام موسى الكاظم عليه السلام قال: (إذا واعدتم الصبيان ففوا لهم فإنهم يرون أنكم الذين ترزقونهم، إن الله -عز وجل- ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء والصبيان)..
حديث الإمـام المعصوم -عليه السلام- بحد ذاته يحتاج إلى مجلدات لنعي هذا الكلام فكيف إذا كان الكلام من ملك من ملوك الكلام..
لخلو عقل الطفل من الأمراض العقلية بسبب الضغوط النفسية يحتاج إلى الاستقرار النفسي والعاطفي، فلهذا من المهم التركيز على تعليم كيفية تكوين العلاقة السليمة مع الطفل والتفقه فيه..
[نحن نتعلم منه وهو يتعلم منا]..
السر يكمن في ماذا؟!
يكمن في التقبل ومراقبة الشعور من الانفعالات والاعتراف بها والتسامح معها ليذب شعور الأمان العاطفي والنفسي قلب الطفل، وينمو الطفل نموًا سليمًا وجسديًا وفكريًا ونفسيًا وعاطفيًا..
وأخيرًا نوَهَ الكاتببأن تشكل هوية الطفل الشخصية يُستحسن أن تكون متزنة لكيلا تكون هوية مضطربة، وهذا يدخل في حيِز النمو الأخلاقي لمشروع الإنسان وعلى أثر ذلك يكون الدفاع عن البشرية والإنسانية في زمن أصبحت المعارك جهرًا وجسارة في تمرير الأمور اللا أخلاقية عن طريق اللا وعي، وهذا ما نجده اليوم من انتشار أمور قبيحة وخارجة عن الفطرة السليمة والسوية..
ويذكر أن دور الأبوين في تعليم الطفل المبادئ والأخلاق والقيم دور مهم جدًا ولا ينحصر في زمن معين ومكان..
إذًا؛ الثبات بالعقيدة والاستقامة غير محدودة بالزمان والمكان وإنما باقية إلى قيام يوم الدين مهما ظهرت قوانين وتشاريع بشرية أهوائية قد تكون وسيلة من وسائل الانزلاق في أي لحظة..
كلما اقتربت إلى النور ازددت نورًا وضياءً..
قال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
[الكتاب جدير بالقراءة والتعمق فيه واستشفاء لُبَ الفوائد العميقة منه]..