رحلة

على سرير مرضها تعاني الآلام والأوجاع.. تأوهاتها تحكي عما يعتصر قلبها، فالآلام تحاصر جسدها الموجوع.. أما قلبها، نبضاته تتلاحق وكأنها تقول للطبيب: أريد أن أكون بخير فلدي ما أهتم به.

كنت أجلس على السرير القريب منها، أوجاعها أنستني وجعي.. لا أملك الجرأة لأن أدعو الله أن يزيل ألمها ويكون عندي..

ووسط هذه الأجواء سمعتها تتحدث في الهاتف لصغيرها: (هل أنهيت مذاكرتك، أوراق الامتحان التي أعطيتك إياها راجعها يا حبيبي..؟).

سمعت الصغير وبكل أدب وهدوء ويشوب صوته رنة انكسار لقلب صغير: (أمي، عافاك الله).

وكأنه يقول: “أمي، أنا لا أهتم بامتحاناتي، بل أحتاجك بجانبي”.

هذا هو قلب الأم مهما كانت تعاني، دقاته تتسارع لتحتضن صغارها وتجد كل راحتها في ابتسامة ترتسم على محياهم، أو في قفزة فرح تجمح بهم إلى الأعالي حينما تمطرهم بكلمات الحب والمديح..

كأني أرى الدمعات تترقرق من مقلتيه، تمنيت أن أمد يديّ من خلال هاتفها لأمسحها وأطبطب عليه..

شكرًا من القلب لكل أم حنونة رسمت مكانتها العالية في قلوب أبنائها بقطرات دمائها، دموعها، وبخلجات قلبها الذي يقطر حبًا حية أو ميتة..

وهنيئًا لكل ابن أو ابنة حملا هذا الجميل وحاولا رده وإن لم يستطيعا.. لكني لا أشك -للحظة- أن يد الله الحنونة ستحتوينا جميعًا.. فنحن بدونه لا شيء..

الألم بعينه تعالى، وهو يملك كل القدرة لرفعه عنا جميعًا..



error: المحتوي محمي