يمر الإنسان في حياته بتجارب تطبع في عقله الباطن أفكارًا وقوانين تتحكم لاحقًا بمشاعره وسلوكياته.
وقد يستغرب القارئ الكريم أن بعض التجارب قد تكون تافهة في نظره أو أنها من نتاج مزحة أو تلاطف، فأي تجربة لها معنى لمتلقيها وهو من يفسرها إيجابًا أو سلبًا، وهنا نورد بعض القصص التي تبيّن هذا المعنى:
الطفل الذي يخاف دورة المياة
بدأ الطفل في (حصر) نفسه والبكاء عند دعوته للذهاب للحمام (الكرامة للجميع)، حتى إنه أصبح يلبّي نداء الطبيعة في ملابسه، وقد استغربت أمه كثيرًا لذلك، وبعد عدة محاولات وتواصل عاطفي ونفسي مع الطفل؛ ذكر أنه شاهد بالتلفاز في مقطع (صيد الكاميرا) رجلًا يخرج رأسه من المرحاض (الكرامة للجميع) فأوجد في نفسه خيفة من الحمام ودخوله تمكن من إزالتها بعد التعرف أن ذلك لا يحصل بالطبيعة وأن هذا مجرد تلفاز.
الطفل الذي ترك دراسته
استغرب الأب من تصرفات ابنه كل يوم حين تجهيزه للذهاب للمدرسة، فولده شعلة نشاط ومثال للذكاء والفطنة، ولكن ماذا حصل حتى لا تكون المدرسة الهدف الأسمى له والوسيلة للانتقال إلى مستويات أعلى من المعرفة والعلوم؟ كل يوم صراخ واضطراب وغياب في نهاية الأمر، حتى فقد الصبر معه ويئس من حل معضلته فتركه، ودارت السنون وإذا بموقف يجعل الولد يتكلم لأبيه عن معاناته من ذاك المدرس الذي كان يهينه ويؤذيه عن طلبه الذهاب لدورة المياة والتي كان يحتاج إليها تلبية لنداء الطبيعة والتي يجب على الفرد الاستجابة إليها لا مفر من ذلك وإلا! وللأسف فات الأمر وانعكس ذلك على رغبة الطفل في الدراسة والعزوف عنها.
النظافة أم النظام؟
تم ترشيح ذلك الطفل (الطالب) بمجموعة تقوم بمراقبة الطلاب زملائة في المدرسة وقت الفسحة؛ لتجنب الفوضى والشغب وأعطي لذلك عصابة يضعها أعلى يده مكتوب عليها (جماعة النظام) وأعطي تعليمات أيضًا بتنبيه الطلاب على سلوكياتهم ومن ثم الرفع لمسؤول الجماعة لاتخاذ اللازم لمن يخالف ذلك.
وأحس الطالب أنه يحمل مسؤولية انعكست على أسلوبه ومشيته والتي أصبحت نظامية (كيف وهو من جماعة النظام)، وبعد فترة قصيرة كان هناك معلم له رأي في هذه المجموعة (لأمر ما الله يعلمه) فقام بتقصد هؤلاء الطلاب والطلب منهم القيام بأعمال كيف لا وهم (جماعة النظافة) حسب تصرفاته، فكلما يرى هذا الطالب وغيره من جماعة النظام يطلب منهم إزالة الأوساخ وتنظيف الساحة من القمامة، مما ولّد في الطالب الشعور بالإهانة وعدم التقدير فهو من جماعة النظام وليس عامل نظافة (مع كل التقدير والاحترام) فنزع العصابة من يده وترك الجماعة.
عندما لا يكون هناك تقدير أو يكون هناك استخدام خاطئ للتصرفات وعلاج المواقف فإن ما ينتج عنها لن يمر مرور الكرام بل سيبقى ما لم يعالج في حينه، فقطرة من الصبغ أو الإسمنت أو حتى المأكول والمشروب عندما تسقط فيمكن إزالتها بقماش وماء مباشرة، و لكنها عندما تجف ويمر عليها وقت لا يمكن إزالتها إلا بالمزيلات الكيماوية والمنظفات والحك. فاعتبروا يا أولي الألباب.