من القديح.. مسامير وخيوط ملونة تتحول إلى لوحات فنية في يد غالب العلوي.. هدية لأخته أطلقت موهبته و«جزيرتنا خضراء» مهرجانه الأول

تدلّلت عليه شقيقتهُ ذات يوم، فكان دلالها مفتاحًا لصندوق خشبي يحمل بداخله مسامير الفن المختلفة، فقد طلبت شقيقة “غالب محمد جعفر العلوي” من أخيها وجميع أسرتها إعداد لوحات رسم تزين بها منزلها، فكان أن صال وجال في عالم الإنترنت متنقلًا من فكرة إلى فكرة، ليخرج بفكرته خارج الصندوق من خلال “لوحة حصان” لم تدخل فيها الفرشاة والألوان، بل خيوط ومسامير تعانقت وتشابكت بكل دقة وإتقان لتخرج بذلك الحصان الأول في مجموعته الفنية التي تقود زمامها يداه وأفكاره، وتشاركه الخيوط الملونة والمسامير والشغف بهذا الفن العجيب.

المسمار الأول
يروي العلوي لـ«القطيف اليوم» قصته مع المسمار الأول في لوحاته وما تلا ذلك قائلًا: “بعد أن أنتجت لأختي لوحة الحصان بمقاس 30 في 40، وكانت عبارة عن رأس حصان مع إضافة إضاءات داخلية له؛ ليظهر أكثر جمالًا، وجدتُ نفسي وقد انجذبت نحو هذا الفن الجميل القديم والنادر أيضًا، فعملت لوحات لأولادي وأولاد العائلة، وشيئًا فشيئًا وجدتني في هذا المضمار أنافسُ نفسي؛ لأنتج لوحات متجددة ومختلفة، وبعدها بفترة وجدتُ أن الفن يحتاج نورًا وعينًا تبصره، فعرضت أعمالي للناس في الإنستغرام”.

إدارة
درس ابن القديح برمجة حاسب، وعمل ولا يزال إداريًا في شركة خاصة في منطقة القديح، لكنه أراد لنفسهِ نوعًا آخر من الإدارة خارج أوقات عمله فالمسامير والخيوط التي ينتجها بفنه تحتاج إدارة بارعة وصبرًا أيضًا على هذه الإدارة، ذلك أن الأدوات التي يتعامل معها ليست لينة ورقيقة، ففنه يحتاج منشارًا لتقطيع الخشب، مع صنفرة للخشب أيضًا، ومطرقة، ومسامير، وختامها الخيوط التي ينتقيها بكل حرص، ويفضلها أن تكون تركية الصنع.

ويعلّق “العلوي” على أدواته بقوله: “ينبغي في عملنا اختيار نوع جيد من الخشب وهو خشب الأوك، واختيار سماكة معينة للخشب كذلك، ففي بداياتي كنت استخدم نوعًا من الخشب الخفيف، بالإضافة لخيوط دقيقة جدًا، مما كان يشكّل عبئًا وصعوبة لدي في عملي، ولقد أعطتني التجارب والخبرات اكتساب المعرفة الممتازة بأنواع الخشب والخيوط، والتفاصيل التي تبرز الجمال والفن أكثر، فاللوحة كلما كانت مقاساتها أكبر كلما برزت تفاصيلها أكثر”.

ويضيف: “نعم.. إن الممارسة علمتني الجيد من الرديء والأفضل في كل شيء”.

مواليد وعرسان
يحدد التصميم والمقاس الوقت الذي يستغرقهُ “العلوي” في إنتاج اللوحة الواحدة، فبعض التصاميم تحتاج من يومين إلى ثلاثة أيام لتثبيت المسامير فقط، كما أنّ تصميم الشخصيات يعد الأصعب في لوحاته.

وعلى الرغم من تنوع اتجاهاته في أشكال اللوحات، إلا أنّ لوحات المواليد والعائلة والعرسان هي الأكثر رواجًا في مجموعته، وهو يحرص عند إعداد مثل هذه اللوحات على توجيه أسئلة معينة للزبون عن تفاصيل اللوحة التي يحب اقتناؤها من ناحية الألوان والملابس والتفاصيل الأخرى؛ فإرضاء ذائقة الزبون وانبهاره في النهاية واستحسانه هو الأهم في عمله.

تحدي المقاس الأصغر
يستمتع ابن القديح بعمله الذي يبرز فيه جمالية هذا الفن بفنياته المختلفة الجاذبة لعين رائيها، وبعض التصاميم يبرز فيها التحدي بصورة أكبر عن أخواتها، وكان أصعب تصميم للعلوي هو تلبيته طلب أحد الزبائن بلوحة لمولود بمقاس صغير بشخصية طفل مع تفاصليها الدقيقة، كما أن لوحة العرسان من أصعب اللوحات، ولوحة الفراشة؛ لأنها تحتاج تفاصيل دقيقة جدًا.

ترك “العلوي” انطباعات طيبة تجاه فنه، فالغالبية تنجذب لهذا الفن الذي يذكرها بالقديم، ويشعرها بأنّ الفن يصنعه الإنسان ولو بمسمار وخيط، فالترتيب والتنسيق والتناسق في كل زوايا لوحاته تنال إعجاب متابعيه، وكثيرًا ما يتم سؤاله حول أسعار اللوحات ومدة العمل فيها.

مشاركة خاصة
كما يدين “العلوي” للفنان “خشيب” في كونه مؤثرًا معنويًا لدخوله هذا الفن، فهو يدين لزوجته بالكثير من الفضل في دعمه في فن المسامير وعرض لوحاته عبر وسائل التواصل، وقد أصبحت مع الوقت تشاركه في عمله مستفيدة من دروسه الخاصة لها في منزلهما، كما أنه لا يستغني عن أخذ رأيها ومشاركتها في ابتكار أفكار جديدة وتوجهات مختلفة في لوحاته يرضي بها الجميع، ويطور فيها من عمله.

وقد كان مهرجان “جزيرتنا خضراء” المقام في جزيرة الربيعية بابه الأول في مهرجانات المنطقة التي عرض فيها لوحاته للزبائن، واستطاعت هذه اللوحات أن تخطف أنظار الزائرين بنظرة ولمسة إعجاب وانبهار بفن تصنعه مطرقة ومسمار وخيوط.



مصدر الصور: غالب العلوي



error: المحتوي محمي