حكاية ورقة.. 31

رسالة من السيد محمد العوامي

باسمه تعالى
إلى الشاب.. /على مكي الشيخ. /الموقر
أسعد الله أوقاتكم بكل خير… وبعد
تلقيتُ رسالتكم الغراء بكلّ فرح واشتياقٍ . ورحتُ أسرحُ نظري في سطورها،
فكانت البداية جميلةً وجميلةً حملتني إلى ساحات العشقُ والطهارة، التي طالما تغنيتُ بها، وعشتُ فيها مع الرّكع السجود، مع نغمات المناجاة حول الكعبة الطاهرة،.
كم أثلجتَ فؤادي وأنت تقول:
(إلى كعبةِ هواك، إلى زمزمِ حبك) الخ.. عبارات فتحت قلبي على عالمٍ آخر، بعيد عن عالمنا المادي، بعيد عن صخب الحياة.
فشكرًا لك على هذا التعبير وهذا الحسّ المرهف.
كما سررتُ كثيرًا وأنا أسمع أو أرى في شبابنا الأخيار مَنْ يهمهم الاعتناء والاهتمام بشخصيات المنطقةِ، وإحياء تراث الماضي لربطه بالحاضر.
أشكر لك هذه الخطوة، وأبارك لك هذا العمل، وأملي فيك المواصلة، وإن شاء الله تعالى أكتب إليك ما أجده حول الشخصيات المذكورة.
وأتمنى لك التوفيق والسداد.
وأن يكثر الله تعالى في المجتمع من أمثالك.
إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

**ملاحظة
آسف جدا للتأخير على رد
الرسالة، لأنها جاءت في
دمشق، وأنا لم أستقر بل
سافرت، وتوالت
الظروف هنا وهناك
عذرا وألف عذر لك

المخلص لكم
أبو مصطفى

لهذه الرسالة أكثر من سبع وعشرين سنة..
وما يهمني فيها أمران..
الأول.. أنني كنت مسكونا بحب تراث المنطقة الأدبي.. ومحاولة الكتابة عن أبرز الشخوص الأدبية والشعرية على وجه الخصووص
وكان لدي مشروع أمسيته “من عبقرية الزمن”
أخرجت منه حلقة واحدة تحت عنوان”أبو البحر الخطى”
ونشر محليا فقط
وفي السلسلة عدة شعراء
كالسيد محمد الفلفل
والسيد محفوظ العوامي
الشاعر سعيد العصفور..
وغيرهم..
الأمر الثاني.. والأهم.. في هذه الورقة وهو من عنوانها
جاءت رسالة من سماحة السيد محمد العوامي التوبي
أرجعتني لذكريات لا يمكن أن تنسى مع هذه الشخصية الكبيرة والمنفتحة والواعية..
السيد محمد العوامي.. كان طالب علم تعشقه القرية كلها أخذ موقعا موموقا في قلوب الجميع الصغار والكبار
وذلك لما يتمتع به من وشائج حب.. وعلائق مودة.. ورؤية ناضجة وانفتاح على الفكر الإسلامي المتحرر..
أتذكر.. مجلسه الصغير.. والذي يتسع لكل الكون برحابة صدره.. ودماثة خلقه..
هذا المجلس المتواضع.. شعلة نشاط.. وكبعة طواف العارفين.. وبغية عشاق الإيمان
أتذكر بعض ومضات والده
السيد حسن بن السيد محفوظ العوامي.. وهو رجل كف بصره ولكن بصيرته متقده بإيمان رباني.. هذا الأب الروحي
ستكون لي معه وقفة خاصة به.. قريبا
أعود للسيد محمد العوامي.. وماذا كان يصنعه للقرية الآمن أهلها..
كان بالنسبة لنا ونحن في حداثة العمر والتجربة.. مدرسةُ إشعاع والمكان الدافئ.. والبيت المعمور الذي يظللنا بكنفه الوارف..
ففيه.. نلتقي بمختلف شرائح المجتمع من داخل التوبي وخارجها
وفيه نتعرف على آخر إصدارات الكتب..،والمطبوعات..
وفيه نتلقى آداب المجلس.. وأبجديات التحدث.. ولباقة التعامل الراقي مع الكبار والأدباء..
و لأننا صغار.. ونعشق هذه الشخصية
كنا في الأغلب.. نقوم بمهام الضيافة للزائرين والحاضرين
فما أرفها من لحظات خلقت فينا الكثير.. وعبأتنا بالجمال
ونقشت نقاءها في الذاكرة بامتداد الحياة..
وما تزال رائحة ولون الزعفران.. يملأ أنفاس القلوب بكل عبق السماد..




error: المحتوي محمي