قال تَعالَى فِي كِتابه الكرِيم: ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [سورة الروم: 21].
الزَّوَاج رَابِطة مُقَدسَة تَتسِم بِالْكثير مِن المشاعر ومقْرونة بِالْمودَّة والرَّحْمة والْكثير مِنَّا يَتَساءَل مَا سِرُّ نَجَاح الزَّوَاج؟! خُصوصًا أنَّ لِكلٍّ مِنَّا شَخصِية تُمَيزه وَلَدينَا اِخْتلافات فِي الطِّبَاع واخْتلافات فِي وُجهات النَّظر.
وقلْب الإنْسان شُعلَة مِن العواطف فالكلمة الرَّقيقة والْمعاملة اَلحُسنى تُزْهِر فِي الرُّوح وَتبقِي زهرَة الشَّبَاب زَاهِية وتكسّر هَذِه الرُّوح اللُّؤْم والاسْتخْفاف ومعاملة السُّوء فَتَكبر شكْلا ومضْمونًا وقد خلق اللَّه الزَّوَاج عِصْمَةً لَنَا مِن الذُّنوب والْمعاصي فما أَجمَل أن تَتَنازَل لِيزْهر الحُب وَتكسِب الوِد وتزْهو العلاقة!
اجعلا الشَّمْس تُشْرِق بِداركمَا فأنْتَ أَيهَا الزَّوْج اِبتسَم فِي وجْههَا وَكذَلِك أَنْتِ أَيتُها الزَّوْجة اِبْتسِمي لَه واجْعَلَا كلمات المحَبَّة بيْنكمَا وَبين أطْفالكمَا لِيكْبروا وفؤادهم بِالْحبِّ يَسمُو، مَا أَجمَل أن نكون لِشريكنَا صَفحَةً بَيْضاء لَا يتخلَّلهَا شَائِبة فلَا تَخذُل ولَا تَغُش حَتَّى نَتَجنَّب حُصُول النَّكد والْفتور فِي هذَا الرِّبَاط اَلمُقدس فَرِفْقًا بِبعْضكمَا.
خُطوات نَجَاح العلاقة كَثِيرَة ومخْتلفة وَمِن أهمِّهَا اِكتِشاف نِقَاط ضعْفهَا واسْتبْدالهَا بِالْقوَّة، فأنْتَ اِخْترْتهَا لِتكون لَك سندًا وَتكُن لَهَا حِصْنًا مُطَوقًا مِن كُلِّ مَا يُخيفهَا، كُن لَهَا صديقًا وأبًا وَمُرشِدًا، وأنْتِ أَيتُها الزَّوْجة كُونِي لَه صَدِيقَة واجْعَلي قَلبَك أُمًّا وأخْتًا وخيْر رَفِيقَة لِيكون لَك عَائِلة.
مِن الخطأ أن نُردِّد أنَّنَا كبرْنَا وَطَاف بِنَا الزَّمن فمَا الْعُمر إِلَّا رَقْم بيْنمَا قُلوبنَا هِي عُمْرُنا الحقيقيُّ فَمتَى مَا كَانَت قُلوبنَا زَاهِية ومفْعَمة بِالْحبِّ فَهِي لَا تشيب، سَاطِعة ومتميِّزة كأصْحابهَا.
تَتَخبَّط بِنَا الحيَاة وَنغُوص فِي مسْؤوليَّاتهَا وَتمُر بِنَا الظُّروف وَهُنَا يَكمُن اِخْتبارنَا الحقيقيُّ لِتماسكنَا وَعدَم اِنْجرافنَا وانْحرافنَا عن الدَّرْب اَلصحِيح وننْسى أن نَنهَل مِن بعْضنَا كُلَّ مَا هُو جميل، فَكُل مِنَّا يَحْتاج لِلْحبِّ والاهْتمام لِتسْتَمرَّ هَذِه العلاقة وَكمَا يُقَال اِزْرع تَحصُد.
ضعَا دَائِرة حَوْل مَا يَدُور بيْنكمَا وَأَحكِمَا إِغْلاقهَا واجْعَلَا السَّعادة والاحْترام شِعارًا فِي كُلِّ تعاملاتكمَا دَاخِل وَخارِج اَلمنْزِل، فالتَّعادل هُنَا هُو الفوْز الحقيقيُّ وليْس فَوْز أَحدِكما على الآخر، لِذَا فَمِن الضَّروريِّ مُنَاقشَة أيِّ مُشْكِلة بيْنكمَا بِهدوء ومحاولة حَلّهَا ولَا مَانِع مِن تَقدِيم بَعْض التَّنازلات فما أَجمَل أن نَكُون مُنْتصرين معًا!
فلنتعلَّم مِن بعْضنَا ونعلِّم أبْناءنَا وَمن حوْلنَا قِصَّة نَجَاح هَذِه العلاقة وَهذَا الزَّوَاج المبارك، فالنَّجاح لَيْس لَه مِعيَار أو اِكتِفاء أو حَدّ فشريك اَلعُمر والْمحبِّ الحقيقيِّ خَيْر دَافَع لِشريكه عِنْد نَجاحِه وعنْد اِنْكساره، كُونَا قوِيين، وفِيين، نقِيين وعاشقين.
وَكتَب اَللَّه لَكُم النَّجَاح والْعشرة الدَّائمة، دُمتُم بِحبّ.