القارئ العزيز، هل تطمح أن ترى مدينةً – أو أكثر – من مدن وطننا بين أول عشر مدن في النظافة والأناقة؟ أجزم أن الجواب: نعم. لم لا؟ حلم سهل المنال! عندي حلم أن تكون مدينة القطيف يومًا ما على قائمة العشر مدن الأكثر نظافة وأناقة في العالم. ألا يمكنكم تصور ذلك؟ هي عروس تحتاج إلى قليلٍ من التبرج والزينة ويظهر جمالها.
المدن بساكنيها، يجعلونها جميلةً باهتمامِهم وعنايتهم، ويسلبونَها جمالها ورونقها ونظافتها بإهمالهم. علاقة المدن بسكانهَا ليست علاقة عابرة، دقائق وساعات! هم يسكنون فيها وهي تسكن في أرواحهم ودوائر عنايتهم. ساكن المدينة ليس حرًّا أن يشوه حضارتها ويقلل من نظافتها، فليس هو من يسكنها وحده.
الحقّ، إنّ المسافة التي تفصلنا عن ذلك هي الإرادة، والنظافة لا تحتاج العلم والتقنية، إنما تحتاج جرعةً قويّة من حبّ الوطن! بماذا تمتاز مدينة في كندا أو أوروبا عن مدينة القطيف أو غيرها من مدن وطننا؟ لا شيء سوى اهتمام ساكنيها بها!
قبل خمسين سنة كان معتادًا أن يرمي النَّاس مخلفاتهم أينما شاءوا، أما في هذه الآونة فيطمح النَّاس إلى أجمل بيئة، وأنقى هواء، ويتسابق سكان المدن أن يجعلوها في صدارةِ أنظف مدن كوكب الأرض! حلمٌ يجب أن يكون في رأس كلّ ساكن وزائر ومقيم! حلم جميل، وغير بعيد، أن نكون قدوةً لمن في الشرقِ والغرب في نظافة أماكننا العامة؛ الطرقات، المتنزهات والشواطئ، وهلم جرا من أماكن.
قل لي إن كنتُ على خطأ: أفضل حالات الإيجابيّة ألا أكونَ سلبيًّا! وأفضل حالاتِ التطوع في النظافة ألا أساهم في وساخة الشارع والأماكن العامة. نبّهني إن كنتُ على خطأ: الثواب والأجر ليس – فقط – في المسجد، وفي كثرة الصلاة والصيام! الثواب في كلّ شيء من حولنا. بسط الله رحمته فهو يعطي الكثيرَ بالقليل، يعطي الأجرَ على نظافة البدن ونظافة الدار ونظافة الطريق، ولو زرنا كوكبًا آخر غير الأرض فالله يعطينا حسناتٍ على تركه نظيفًا بعد زيارته!
بئس العبد القاذورة! أبلغ نصيحة من النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله) في الحثّ على النظافة. في قاموس اللغة العربيّة بِئْسَ: فعلٌ جامد للذمّ ضدّ نِعْمَ في المدح. والقَاذُورَةُ: الوَسَخُ. نصيحة لو عملنا بها ما كان أحد أنظف منّا ولا مدينة أنظف من مدننا!
لماذا سبقنا غيرنا إلى تطبيق هذه الوصايا؟ مع أن أغلبهم لا يفكر في النظافة على أنها دين وثواب وعقاب، بل حضارة وطريقة حياة! ربّ قائل يقول: يكفي نظافة الجسم والملابس! إذن، ماذا عن الطريق والأماكن العامّة التي لو لم نوسخهَا ما اتسخت، ولم نحتج إلى جيوشٍ من عمَّال النظافة يلتقطون ما نرميه من مخلفات؟!