في صفوى.. بعد 12 عامًا مع آلام الكلى.. أبناء علي آل دخيل يتنافسون في البر بوالدتهم.. و«حسين» يحظى بشرف التبرع

تنافس في البِّر، وسباق للفوز برضا “جنتهم”، خاضه أبناء علي محمد آل دخيل، وهم يحاولون رفع جزء من آلامها، بعد صراعها الطويل مع المشكلات الصحية في كليتيها، 7 من الأولاد والبنات كانوا يرجون اقتطاع جزء منهم ليهبوا والدتهم أملًا جديدًا في الحياة بلا وجع، إلا أن الحظ كان يقف بجانب الابن الثاني بين إخوته “حسين”، حتى ظفر بشرف التبرع لأمه بإحدى كليتيه.

اليوم الأخير.. اليوم الأول
الأسبوع الماضي، وتحديدًا يوم الخميس 30 ربيع الآخر 1444 هـ، كان تاريخًا مميزًا بالنسبة لـ”حسين آل دخيل”، فهذا اليوم كان نهاية رحلة 12 عامًا مع آلام الكلى، بعد أن خضع لعملية التبرع التي كان ينتظر موعدها قرابة عام كامل.

وجع الـ12 عامًا وقرار التبرع
يسرد “آل دخيل” حكاية والدته قائلًا: “عانت والدتي من آلام شديدة ومشكلات صحية في الكلى أكثر من 12 عامًا، مما أدى إلى ضعف الأداء في الكلى فكان أداء الوظائف يصل إلى 20% أو أقل حتى قرر الطبيب المتابع لحالتها الصحية أن تخضع للغسيل، إلا في حال وجود متبرع”.

ويمضي في حديثه: “عندما علمت أنا وأخوتي بذلك وجدنا أنفسنا في سباق مع الوقت كي ننهي معاناتها، وكان دافعنا في ذلك عاطفة الحب التي تربط الأبناء بأمهاتهم، كما أننا جميعنا كانت تحركنا الرغبة الشديدة والملحة في أن نقدم واحدًا من أعضائنا لها، وقد كان الدعاء رفيقنا الذي لازمنا في سباقنا”.

كانت الرغبة في أن تكون والدتهم بخير تفوق الخوف من التبرع وآلام العملية لدى كل واحد منهم، ويبدو أن حبها قد تسرب من أفئدة أبنائها إلى ابن أخيها فقد كان يشاطرهم التضحية والاستعداد لأن يكون هو المتبرع عوضًا عن أولادها إن لزم الأمر.

ترقب والفوز من نصيب ثانيهم
بقي أبناء آل دخيل في حالة ترقب حتى أتى الموعد المقرر لخضوعهم إلى تحاليل التطابق من عدمه، وخضع جميعهم إلى تلك التحاليل، يتسلح كل واحد منهم بالدعاء إلى رب العالمين أن يكون التبرع من نصيبه، حتى ظهرت النتيجة بتطابق ابنها حسين معها.

يصف حسين شعوره في تلك اللحظة بقوله: “كانت تلك اللحظة هي أشبه بتحقيق الحلم الذي يراودني كل ليلة كنت أتمنى أن أهديها عمري كله وليس فقط إحدى كليتي، وذلك كان حال جميع إخوتي”.

عام من الانتظار
عاش ابن مدينة صفوى  بمحافظة القطيف، ووالدته عامًا من الترقب، بعد ظهور نتيجة التطابق، انقضى في الإجراءات الرسمية والصحية وبعض التحاليل الثانوية التي كان يحتاجها المستشفى للاطمئنان على الأم بشكل كامل قبل الإقدام على العملية.

ويقول: “مر هذا العام طويلًا عليّ، كان يراودني الخوف كلما مضى الوقت أن يكون هناك عائق يعيق تبرعي وكنت أدعو الله أن يطيل عمري حتى تأتي تلك اللحظة وذلك اليوم، كان ذلك الأمر يشغل تفكيري إلى حد كبير”.

وأتى اليوم المرتقب
تستشعر الفرح في كلام حسين وهو يحكي عن لحظة دخوله إلى المستشفى ليستكمل بقية فحوصاته ويخضع مع والدته إلى عملية التبرع، يقول: “لم أصدق أن ذلك اليوم أتى أخيرًا، وأن كل واحد منا في غرفته يخضع للتجهيزات الخاصة بالعملية، كانت الأمنيات تسكن قلبي بأن يتمم الله ذلك الأمر بخير وأن يتحقق الحلم وأرى أمي بصحة وعافية”.

برًا بوالدته
لأنها “الأم”، فهي أغلى من الصحة بل أغلى من الحياة نفسها، لذلك حين أفاق حسين من العملية كان سؤاله الأول كيف حال أمي؟، ولم يهدأ قلبه حتى أتى الدكتور ليطمئنه أن أمه بخير وصحة وهي تحت الملاحظة.

ينقل لنا مشاعره عن لحظة انتهاء العملية قائلًا: “شعرت حينها بشعور غريب يتملكني، إنه مزيج من الحمد والشكر والفرح والشعور بالتقصير تجاه فضل أمي علي، حتى لو منحتها جزءًا من جسدي، كان علي أن أكثر الشكر والامتنان إلى الله لأنه وفقني واختارني لهذا الأمر”.

يختتم حديثه بقوله: “الحمد لله خرجت من المستشفى وأنا بصحة جيدة، وأنتظر خروج والدتي بعد أن تتماثل للشفاء تمامًا على أحرّ من الجمر”.



error: المحتوي محمي