قَد يَتَذمّر بعض مِن صُفوف المعلّمين، حَديثي التخرّج، مِن مَشقّة وعَناء مِهنة “التعليم” السامِية في أجلّ رُتَبِها الرسالِية والإنسانية؛ والراقية في أسمَى مَرامِيها المعنوِية والوطنِية، في بِناء عَقل وفِكر الإنسان، قلبًا وقالبًا؛ بغَرسِ بُذور التنشِئة الفِكرية السليمة؛ والإعداد المُبكّر المُبرمَج؛ للنهوضِ ببِناء الطفل الحَاضِر المُعاصِر، بشُموليةٍ عِلميةٍ؛ وعَقليةٍ فِكريةٍ؛ وثَقافةٍ دِينيةٍ؛ وتَهيئةٍ مِهنيةٍ، واستقامةٍ اجتماعيةٍ، مُنذ نُعومَة أظفارِه؛ وكأنّ يدًا رَحِيمةً، تمتد إليه: ترعَاه بعَطفٍ ولُطفٍ؛ وتعتَنِي بمَهامّ وشؤون تكوين إعدادِه الشامِل؛ وتحدِيد وبَلورَة مُستقبل شَخصِيتِه المُنتظرَة المُتكامِلة؛ لينمو ويترَعْرع، في كَنَف أحضان بيئةٍ تربويةٍ مُثلى، يَسعد بمدّ أطياف نتائِجها الذاتِية المُرتقبَة؛ ويَتطلّع إلى رَيْع عَطاءاتِها الوطنِية المُثمِرة، وَسط كافة مَؤسّسَات، ومَرافِق، ومَفاصِل المجتمع؛ بُغية إعمال عَقل، وإشغال فِكر المُواطِن الصالِح لاحِقًا؛ والاستعانة بنِتاج فِكره النيّر، وحَصِيلة عِلمه النافِع؛ ومُعاونتِه، على كَسبِ الرزق الحلال؛ والتمتّع بحياةٍ سَعيدةٍ كَريمةٍ؛ لتَتحقّق الأهداف التربوية المأمُولَة؛ لاستِدامَة سَعادة الإنسان في متّسع رُبوع وَطنه المِعطاء… وإسعاد البشرية جَمعاء، في صُعْدَان أرض الله الواسِعة؛ ومِثل ذلك، المُشارَكة الجادّة في أحدَث مُناورات “مَارَاثُون” التسابُق، في بُلوغ نَواصِي مَنظُومَاتٍ مُثلى، في عَصر التقدّم والرفاهِية والإزدِهار، وبِناء حَضارَة الإنسان السامِقة…!
ولَعلّي هُنا، مِن أعلى مِنصّة تربية وتعليم المَرحَلة الابتدائية الأَسَاس، وخاصّةً تعليم الصف الأول الابتدائي، الذي تشرّفت برِعايتة وتدرِيسه، لأكثر مِن عَقدٍ ونِصف، مِن الزمَن، في تعليم مَبادِئ وأسَاسيّات اللّغة الإنجليزية، للقامَات الطفولية السعيدة، بمنظومَة مَدارِس الهيئة الملكِية المُطوّرة الزاهِرة، بمدينة الجُبيل الصناعية العامِرة، ولَا أكادُ أخَفي رَبيع مَشاعِري الفياضة آنذاك، ولقد غُمِرت وسَعِدت بكِفلٍ وَافِرٍ ظَافِرٍ، بمعيّة فُلُول الأَجيال المُنتصِبة مِن تَلامِذَتي، مِن ذوِي القامات الطفولية الواعِدة، ببُحبُوحَةٍ مِن فائقِ المُتعةِ؛ وتَنَعُّمٍ مِن ذائقةِ الإسعاد؛ ولَا أكادُ أنسَى شَغَف تذكّرِها مُجدّدًا، في أحلَام مُسلسَلات هَجعَتِي الليلِية، ومِثلها في أطياف أحلام يقظَتِى النهارِية، مَا حَيِيت…! ومِمّا يُثير دَهشتِي؛ ويَستقْطِب جلّ مَسِيرة اهتمامِي الوظِيفي؛ ويَجذِب فائق انتمائي المهني، هي باقات عصرية زاخرة، مِن واسِع بَساتِين أحدث النظريات المُطبّقَة المُنتقَاة؛ والمفاهِيم التربوية الراقِية المُختارَة؛ والأساليب التدريبية الماتِعة؛ ومِثلها أنجع الطرائق الميدانية الجَاذِبة، بإهْداء مَهارات وخِبرات، وإسْداء كَفاءَة وجَدارَة المعلم المهنية، والتطوِيرية الميدانِية مِنها، والذاتية، سَعيًا واجتهادًا، في ظِلّ مَيدان تربوي رَائد؛ لَا تنقصُه أحدَث الوسِيلة التعليمية العصرية، كالسبّورة الذكِية، وتقمّص وانتهاج حُزم ورِزم، مِن أَنجَع الطرائق الميدانية التربوية الفعّالة؛ لإنجَاح وانفتَاح أبواب عملية التعلّم، على مَصاريعِها، ومِثلها كفاءة التأهيل الأكاديمي المِهني المُتكامِل للمعلم القدير، قَلبًا وقَالبًا… !
وعلى ضَوء تلك الإفادة النظرية السردِية؛ لإحداث وإثراء عملية “تعلم وتعليم” ناجِحة ناجِعة، يَحِقّ للقارئ الكريم، أَنْ يشطح بسؤاله المُتردّد، بناصية فِكره عَن نسِيج بِساط الجَودَة النوعِية المُقدّمة في عُقر وعُمق الميدان التربوي، بمدارس الجبيل الصناعية؛ ليَحظَى ويَندَى المتعلم والمعلم- على حَدٍ سَواء- بمُتعة التعلم المأمُولَة، ولَذّة الإسعاد المنشُودَة …! فهناك الكَثير والمُثير المُطبّق في عُقر مَيدان الواقع العملي، حَيث تُتَحاح للتلاميذ الفُرَص الكافية، للتغذية الراجعة، واستظهار مَخزُون التعلم القَبْلِي؛ ونَيل كامِل قِسطِهم الوافِي في صَقل مَهارتَي: الاستماع والتحدّث؛ وحَفز استجاباتِهم الفردِية والجماعِية الصفِية المنظّمة، برَائق الاستمتاع بتردِيد، وإنشاد الأناشِيد التقليدية الملحّنة، بإصداراتها التعبيرية، وأداءاتها الأَصْلِية… وفي غُرفة الصف الدراسي، تُتاح الفُرصة المُوسّعة للتطبيقات العملية، حَيث مُتعة رُسوم الحروف الهجائية؛ وتَشكِيل الأعداد؛ وتَلوين الصور، ضمن باقة تعليمية تعزيزِية شَامِلة، مِثل حَيوانات المزرعة، والأَثات المنزلي… وأمّا عن استخدام الطرائق والأساليب التربوية الصفِية، فالحدِيث عَنها يَطُول…! ابتداءً مِن استخدام إعدادات وتطبيقات السبورة الذكِية، والاستعانة بعَرض الوسائل الحِسيّة المُتنوّعَة، إلى التدرِيب على استخدام أُسلوب المُدرّس الصغِير؛ وأسلوب التعلم التشارُكِي التعاوني، في مَجمُوعات مُتجانِسة؛ وارتياد مَركز مَصادِر التعلم بالمدرسة، والتدرّب المُكثّف على أداء بعض المشاهِد الصفية التمثِيلِية القَصِيرة والمُثِيرة في آنٍ واحدٍ، بأدَاء وِحدَات حِوارية، حَركيةٍ تَعبيريةٍ، مِثل تقمّص أدوار (المريض، والممرض، والطبيب، والصيدلاني) ومَا يُرافِق ذلك مِن مُحادَثات قَصِيرة، تُدهِش المُقَيِّم والزائر معًا، في الوقت نَفسِه… يُضافُ إلى ذلك، سَرد القَصَص القصِيرة، مِن صَفحات- الكتاب الكبير الملوّنة- Coloured Big Book- بأسلوب أدائي حَركِي، مَع تَعزِيز وتَدعِيم مَهارات التعلم القَبلي، والمُشارَكة التحفِيزِية في برامج الإذاعة الصباحية المدرسية، أمام الطابور… والكَثير والمُثير مِن رِزم تَطبيقات بَاقاتِ الأساليب والطرائق المُثيرة؛ لاستحَثاث وحَفز عملية التعلم الفعّال، والتي لَا يتّسع المجال لتِعدادِها، أو ذِكرِها، جُملَةً وتَفصِيلًا… وهذه المنظُومَة مِن السرد المُقتضَب المُوجَز، تُنفّذ عَمليًا وصَفِّيًا برِمّتها، تحت سَقفٍ واحدٍ!
وفِيمَا يَخُص كَفاءة، ومَهارة أداء المعلم الصفّي؛ ونَثر مَخزُون حَقيبة قُدراته الإثرائِية الإبداعِية، التي تَتفاوَت، بشكلٍ مَلحُوظٍ بين مُعلمٍ وآخر؛ لعددٍ مِن الفوارقِ في خُطط وبَرامج- عَصرِية مُواكِبة- في هِمّة إعدادِه الأكاديمي، ومَأمُولِ عَطائِه الوظِيفي، ومُرُونَة استعدادِه المهني الفني والتأهيلي العام، المُسلَّح بالمهارات التربوية، المُعدّة إعدادًا تربويًا؛ والمُتخصّصَة حَصرِيًا، في تَدريس المرحلة الابتدائية، بشكلٍ خَاصٍ… وامْتِدادًا لبرامِج التدريب والتطوير، التي يَحظَى بِمدّها ويِستنِير بها المعلم النشِط، في مَدارس الهيئة الملكية، أثناء عمله الميداني، فمُتنوّعة وشاملة، تتضمن: إقامَة وحُضُور الدورات التربوية والتدرِيبية التطويرِية المتخصّصَة للمعلمين، وهُم على رأس العمل، بين الفَينةِ والأُخرى، طَوال مُدّة العام الدراسي؛ وتَفعِيل برامِج الإشراف التربوي النشِطة المُستَمِرّة؛ وتنشِيط برامج الزيارات الصفية المُتبادَلة بين المعلمين، للاطّلاع على أرصِدة الخِبرات
الناضِجَة، عن كَثب؛ وتطبيق أحدَث وأنجَع الطرائق والأساليب التربوية الفعّالة؛ للنهوض المُوسّع بمهام العملية التربوية، كَمًا وكَيفًا… !
والخُلَاصَةُ القائمَة بمَرامِيها التربوية البنائية؛ والمُسَلَّمَة بمَقاصِدها الوطنية السامية، تَحظى تدريس مَادة اللغة الإنجليزية، بوَجهٍ خاصٍ، بعِنايةٍ ومُتابعةٍ مُستمِرّتَين، يَنعكِس أثرهما الظاهر إيجابًا، على مُستوى اكتِساب وتَحصِيل المبادِئ الأساسية؛ لتعلم اللغة؛ ومِن جَانبٍ آخرٍ، إسعاد نَهَم وشَغَف التلميذ؛ ومِثله قَدْح زِنادِ مُتعةُ وحَمَاسةِ المعلم تباعًا، في مَيدان مَحجّة مَسالِك تربوية مُثلى -تَعلِيمِية/تَعلّمِية- تؤتِى أُكُلَها؛ ولاحِقًا، يُرتَجَى باستِشْرافٍ، بُلوغِ وتَحقِيقِ وعَطاءِ جُملة أهدافِها المَرسُومَة، والتي تَصبّ بزخمِها الوافر، في جِعَاب مُحصّلتها السامية، في إعداد- سِيرَة ومَسِيرَة- جِيلٍ وَاعٍ، مِن صُفُوف الناشِئة، المُتطلّعين، بفخرٍ واعتزازٍ، إلى أسنِمة عَنانِ آفاق مُشرقةٍ وضّاءةٍ، تحت مِظلّة رِفد العطاء المُثمِر المُنتظَر لذائقَتي “الإمتاع والإسعاد” واستحثاتِ طَفراتٍ وَطنيةٍ اسْتباقِيةٍ مِن فَائق مَسيرات العطاء السخِي اللامُتناهِي؛ لرَفع رايةِ الوطن عَالية خَفّاقة مُرفرِفة، بين مَثِيلَاتِها، في رُبوعِ، وأَجواءِ، ومَصافّ الدول المُتقدّمة… وبالله التوفيق، ومِن رَحِيب تَمكِينِه الشاسِع؛ وإِسبَاغ تنويلِه الواسِع، نَستمِدّ مِنهُما مَقالِيدَ الغَلبةِ؛ ونَسترفِد مُقوّمَات القُوّة!