سيرة طالب (٣٦)

الإكسير الأعظم

لما رجعت من سورية معبّأً بتجارب النظرات والتأملات والقصص، مغرقاً بالحب والاشتياق إلى بلدي القديح الحبيبة، تزوجت لتستقرّ هواجس الشباب ٢٦ / شعبان / ١٤١٥ هجري.

كانت زوجتي هي الصفحات التي أفتحها بالعشق، وهي الرافد والمعين – بجدٍّ – لأصعد في سلّم الوصول إلى الله بالإيمان والعلم، وسوف أتكلّم، إن شاء الله، عن تجاربها معي في المرض العصيب.

 

كرامة وفتح
بعد ثلاثة أشهر تقريباً من الزواج أصبحتُ ذاك اليوم لا أملك ريالًا واحدًا؛ فلم أكن وكيلًا لأحد المراجع، بل ليس عندي شهرية مرتبة.

كان الحزن يتملّكني والضيق يجتاحني وأصبحت أراود أفكاري بشطحات وسقطات، حتى إنّي كنت أصلّي إماماً في المسجد وأقول في نفسي: انظر يا ربّ، إنّ كلّ المأمومين يملكون المال، ولكنّ الإمام لا يملك شيئًا.. أعوذُ بالله .. أستغفرك ربّي وأتوب إليك.

وفي ليلة ذلك اليوم، تذكرت ما قرأته في مضمون الروايات التي معناها أنّ من صلّى صلاة الليل نيته خالصة قربة لله، أعطاه الله ما أراده، وقد تضافرت الروايات في التشويق والترغيب والتأكيد لما لهذه النافلة من أهمية وفضل، وهاتان روايتان:

 

الإمام الصادق (عليه السلام):
صلاة الليل تبيّض الوجه، وصلاة الليل تطيّب الريح، وصلاة الليل تجلب الرزق”.
[علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج٢/ ص٣٦٣].

الإمام الرضا (ع):
“عليكم بصلاة الليل.. فما من عبدٍ يقوم آخر الليل، فيصلّي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرة، إلّا أجير من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومدّ له في عمره، ووسّع عليه في معيشته”.
[روضة الواعظین، الشيخ محمد بن فتال النيشابوري، ج٢/ ص٣٢٠].

فـجعلت تلك الليلة أصلّي صلاة الليل كاملة وقراءة القرآن إلى صلاة الصبح، ثم ذهبت للنوم على أمل أن أفتح عيني وأرى شيئًا من خزائن السماء.

هدية الإمام
جلست أنتظر السماء في هبة الباب ليفتح، أنتظر حتى قبيل الظهر ولكن لم يكن هناك شيء .. أنتظر في وسط الظهر ولم يتغيّر الحال .. وحان وقت العصر .. ولم يتغيّر شيء.

في آخر العصر حضر أخي وفي يده ظرف، وقال: هذا ظرف من امرأة، كنت سمعت الجرس، وذهبت إليها، وقالت: هذا للشيخ علي. وأخذته، وإذا مكتوبٌ عليه: هدية الإمام الحسن (ع).
ففتحته وإذا به ألفا ريال.
وهذا كلّه من بركات صلاة الليل بنية خالصة ونقية.




error: المحتوي محمي