على مدى أسبوعين.. سيارة الآيس كريم لـ زينب الماحوزي تبيع ذكريات الطفولة مجانًا لـ زوار تقاسيم القطيف

على مدى أسبوعين كان زوار معرض “تقاسيم”، على موعد مع واحدة من ذكريات طفولتهم الملونة؛ سيارة آيس كريم بطول 120 سم، كانت تعيدهم إلى أوقات فرحهم وهم يسارعون للوصول إليها ليدركوها قبل أن ترحل، إلا أنها خلال ذينك الأسبوعين كانت تقف في انتظار مجيئهم دون حركة منها، وعوضًا عن أن تبيعهم تلك المثلجات بنكهاتها المختلفة كانت توزع عليهم الذكرى بنكهات متعددة، وبدلًا من أن يسمعوا ضوضاء المعرض أو حتى هدوءه كانوا يسمعون في مخيلتهم صوت موسيقاها المميز وهو يسافر بهم إلى أيام مضت.

اللوحة التي ضمها المعرض الجماعي العشرون لجماعة الفن التشكيلي، التابعة لجمعية التنمية الأهلية بالقطيف “نادي الفنون”، بالتعاون مع بلدية محافظة القطيف، كانت من العمل الذي شاركت به الفنانة التشكيلية زينب الماحوزي، حيث رسمت لوحة بقياس 120 × 90 سم، مستخدمةً ألوان بخاخ متعددة على الخشب، لتنتج واحدة من لوحاتها بفن الاستنسل جرافيتي.

ترسم صوتًا لا يغيب
زينب لم تأتِ باللوحة من مخيلتها، إنما استوحتها من سيارة آيس كريم كانت تصادفها كلما زارت الواجهة البحرية في سيهات، فقررت أن تكون هذه السيارة هي “المودِل الجديد” للوحتها.

حول ذلك تقول: “ولدت فكرة اللوحة في رأسي من صوت سيارة الآيس كريم الذي يأخذني كما يأخذ غيري إلى زمن الطفولة، فكلما نسمع الصوت تعود بنا عقارب الزمن إلى الوراء، كيف كنا نخرج لنلحق بها، ببراءة وعفوية”.

وتضيف: “أنتجت اللوحة في العام الماضي (2021)، كنت أشاهد سيارة (آيس كريم زهرة الحنين)، وأشعر حقًا بأنها تخلق الحنين بداخلي لأيام طفولتي، ومن هنا جاءتني فكرة إنتاج اللوحة، ولأنني أحب أن تكون أعمالي خاصة بي، طلبت من المصور حسين سند، أن يلتقط لها صورًا لتكون لي، والحمد لله وفقت في التعامل مع المصور وصاحب السيارة الذي كان صبورًا جدًا وخدومًا ولم يقصر معنا”.

بهجة بثلاثة ألوان.. وأطفالها ضيوف شرف
على الرغم من البهجة في اللوحة، إلا أن الألوان فيها لم تتعدَ الثلاثة، إضافة للونين الأسود والأبيض، فواجهتها تتزين باللونين المفضلين عند الأطفال؛ الأزرق والوردي، إضافة إلى القليل من اللون الأصفر، أما الأطفال المندفعون نحوها فاختارت لهم الفنانة الألوان الأحادية “الأسود والأبيض”.

وقد فسرت اختيارها لتلك الألوان تحديدًا بقولها: “الذكرى الرئيسة في مخيلتنا هي التي تبقى ملونة أما ما حولها فيكون مجرد طيف أو شيء يشبه الطيف اللا مرئي، وكما أسلفت كان موضوع لوحتي هو ذكرياتنا مع السيارة تحديدًا وليس مع ما يحيط بها أو يقف بالقرب منها، لذلك اخترت التركيز بالألوان المبهجة على سيارة الآيس كريم حتى تشد المتلقي، أما الأطفال فقد كانوا كضيوف شرف لتلك الذكرى، لذلك تعتمدت أن يكونوا باللونين الأبيض والأسود”.

رسالة غير معلنة
الذكريات الجميلة والألوان الزاهية لـ”سيارة زينب” كانت تحمل في باطنها معنًى آخر، ربما لم يلتفت له كثير من زوار المعرض أو من المتأملين للوحة، لا سيما أنها تعمدت أن تترك تفصيلًا واضحًا للفكرة الثانية التي أنتجت اللوحة لأجلها.

تقول: “على الرغم من أنني صنعت عملي هذا لأعود بذكرياتي إلى ماضٍ يبهجني كما يبهج الكثيرين غيري، إلا أنني -غالبًا- أحب أن أضمّن أعمالي رسالة وهدفًا، وهنا في لوحة “سيارة الآيس كريم” جمعت ذكريات الطفولة الملونة، وحاولت أن أدمجها بعالم الصغار المليء بالبراءة حتى إنهم لشدة براءتهم قد ينجذبون نحو المجهول دون علم منهم بأنه ليس كل ما يبهج في ظاهره يحمل الفرح أيضًا في باطنه”.

وتضيف: “حاولت أن أعبر عن ذلك من خلال النافذة السوداء وعدم إظهار تفاصيل البائع؛ للدلالة على أن خلف ذلك كله شيئًا قد يعرضهم إلى الاستغلال، وربما من يدعي أنه يبيعهم الفرح تكون نواياه عكس ذلك تمامًا، وهذا ليس حكرًا على سيارة الآيس كريم وحدها”.


السيارة الأصلية من تصوير حسين سند



error: المحتوي محمي