لَعّلّي أظفر بتعريفٍ لبِق، خَفيف الظلّ؛ وطَريفٍ الحِلّ، في لذّة الاستمتاع برِيشة مَسحة التظلِيل الفَنية؛ لتُلامِس بشَغفٍ، وتُلاطِف بوَلعٍ، لُبّ ظاهر حِسّ مُصطلح “الانْطِبَاع” أو يُروّج تِبيانه لكشفِ لُفافَة أصل حَقيقتة، أو يُزيح جُزءًا يَسيرًا مِن بَارِز قِناع وَجهه البرّاق المُلوّن، في أَوّل لِقاءٍ مُباشرٍ، ودُون مَوعدِ مَحفلٍ مُدرَجٍ؛ أو عَهدٍ بتلاقٍ مُبرمَجٍ، وبَعيدًا عَن غَمرةِ زهوٍ مُتكلّفٍ عَن حَرْفِيّة تفخيم الحال، أو فَضحِ سِرّ سِتره المُتداول، على حِدّة لِسان “القِيل والقَال”… وبِبساطَة مَحضَة، تتم غَرس وإنبَات أُولى شُتُول الانطباع عِند شُرفَة اللقاء الأول، بشخص أو شُخِوص، لم َيَسبق لنا بهم مَعرفة، أو نَحظى مَعهم بلقاءٍ… وهُناك، في بيئةِ هُنيهات ذلك اللقاء المُفاجَئ، يتمّ تَثبِيت شُتُوله، لأَوّل مرّة، بمُساعدة ومُساندة “فِراسة” الحَواس؛ أو مُعاونة مُباركة “غَباوَة” الإحساس… ورُبّما نُسَرِّع بنفرةٍ حَثِيثةٍ رَشَيقةٍ، في “تسوِيد وتبيِيض” وتصدِير لبّ جَوهر الانطباع الأول، مع مَعرفةٍ أولِيّةٍ سَطحِيةٍ؛ أو سُطُوحٍ هَامِشيةٍ مُجرّدةٍ لغَباشةِ
عِلمٍ وهميٍ مُسبقٍ؛
أو عَتمة حَدْسٍ مَعرفِي مُلهم، قد قَبِلناهم جَميعًا، بجُملة مَضمونهم المشوّش؛ وألِفناهم بفَحوى دِيباجاتهم المَرفُوعة، دُونما سَابِق تحقّقٍ إدراكيٍ مُسطّرٍ؛ أو وضوحِ نِدّه المماثل: لاحِق تَثبُّتٍ عَقليٍ واضحٍ يُذكَر…!
وأمّا الغَرِيب العَجِيب في صُلب مَساحة أطراف الموضوع المُستهدف، تتقدّم وتتصدّر حَفنة مِن شاخِص أنماطٍ مَقروءة لِخليطٍ مِن العوامِل المشتركة “إكسيريّة” المفعُول، في جُيوب تُربة تَأسِيس وتَثبِيت فلقة بَذرة الانطباع الأول، بمدّ نظراتٍ مُتفاعِلةٍ، وبَذل فائق أحاسِيس “كَارِزمِية” جَاذبة، مَشفوعةً بسَريان مَصلِ حَدسٍ ذاتيٍ لكِلا الطرفين، فَردًا مَع فردٍ؛ أو جَماعةً مُقابل جَماعةٍ؛ ليتمّ اكتمال سُطُوع، وذُيُوع الصورة الجميلة الملوّنة داخل حُدود إطارها المزخرَف المرخّم؛ ليتمّ إرسالها جَاهزةً، إلى سُدة جَوف مِحفظة مأمُونة ثمِينة، نرعاهَا بفائق عِناية حَانية؛ ونتعهدَها برائق صِيانة ذَاتية… لَا نسمحَ لفردٍ، ولَا نأذنَ لأحدٍ المَساس بجوهرها؛ أو الاقتراب الداني، لمسافةٍ حَميمَةٍ، مِن هَالاتِ ومِيضِها المكنُونة، جُملَةً وتَفصِيلًا…وهناك أيضًا، رَديء سُمعة الانطباع “المُتداوَل المُتناقَل” الذي لَم نُخضِع، أو نشهَد واقعَه “المُفَبرَك” بأدنى تجربةٍ مَلمُوسة شخصية؛ وكأنّه “كنز” أُحفُورِي مُتفحّم، مِن سَالِف الأساطير… وقد خُضْتّ في هذا المجال بصَولات وجَولات استكشافِية تتبعيّة ناجِحة، لا يتّسع المجال هنا، للتغنّي ببُطُولاتِها!
وهُناك، عِند عَتبة اللقاء الأَول، تَبرز دَرَجة حَساسِية شَريحة ” كِيماوِيّات فِلم” التقاط الصورة الشاخصة المُتناسبة كَميًا، مع فَتحة اتساع، وسُرعة انفتاح العدسة السامِحة؛ لنفاذ كَميّة الضّوء الساقطة؛ لتبدو- بعد تحمِيض الشريحة مَخبريًا، بأكبر دِقّةٍ، وأكثر وُضوحٍ وشُموخٍ، تثير انتباه واهتمام الناظِر إليها؛ لتقرأها عَدسَة العين البشرية، بأسمَى ‘صِدق مَرامِيها الخاطرة النابعة مٍن أعماق شِغاف قَلبَي “العاشِقَين” المُتيّمين، بأَعلَى دَرَجات سُلّم الانطباع الودُود، وأحلَى وَقعِ سِهامِه النافِذة العطُوف، في أعماقِ دَواخِل مُهَج القلوب… وهْناك مِن العوامل المُمَغنَطة الجاذِبة، مَا تُشَهر تِباعًا؛ وتُعرَض لُحُوقًا بأصفَى، وأنقَى، وأزكَى عُصارات خّلايا شَهدِها الشافية الضافية؛ لِتتراقَص أفواج النحل الولهى مُنتصِرَةً، حَول مَائدتها الشهيّة؛ بَعدمَا، أعطت وجَادت بأثمن هَداياها المُجزِية، لمُتذوّقي الطعم؛ ومُحبّي الوُقوع الآسر، في قبضةِ فخّ شَرَك سَماحة اللقاء المُستحوِذ الجاذِب؛ وأسرِ كِلا العاشِقين، في كَنف شهامة وَكرِ الانطباع الحاضِن الأول… ومَن أهمّها ذكرًا: سَماحة صِدق المُحيّا؛ ولَباقة فَصاحَة التواصل اللفظي؛ ومِثلها العضوي الجسماني؛ ورِقّة تجاذب أطراف الحديث، بمَنأى عن أنماط التكلّف، وأشكال التزلّف؛ والمحفوف لِزامًا، ببساطَة المَظهر التام، وسُمعَة المَخبر العام، المِنسجِما مَع ذَائقة أصَالة أيقُونة نُبل الثقافة المَقبُولة المُتألّقة- سِحرًا وانجذابًا، في قِمم صِهاء آمَال وأحلَام المُتآلفَين المُتأبّطَين شِحنة مَعايير جاذبة مُرهَفة، تُماثِل حُدُود الأصالة الوجدانية؛ وتناطِح تُخُوم مَقاييس تجانُس الجَودَة النوعية؛ بهِمَم وعُقُول القاصدَين الجادَّين بُلُوغ أسنِمة رَوائز ذُرَى، ونَشَوَات تشابُة وتوافُق أَريحية الرضا، وتناغم شَفافية القَبول الفوريتّين “الصاعِقتين” جُملة وتَفصيلًا!
وفِي حَقِيبة ذَاكرتي المُتواضِعة، عَددٌ مِن مُسوّغات ومُحفِّزَات أِنماط معطيات الانجذاب الوجداني الاجتماعي المُمَغنط… مِنها، على سَبيل المِثال، مَا سَمِعته وعَلِمته في نِهاية سَبعينيات القرن المِيلادي المُنصرِم… وَقتَها كُنت مُبتعثًا وِزاريًا؛ للدراسة في جَامعة “نورت تكساس” الأمريكية… أنّ شَريحةً عُظمى مِن الناخبين، خاصّة مِن بين صُفوف الإناث هناك، يَميلُون إلى إعطاء أصواتهم الانتخابية إلى المُرشّح- مِن الجنسين- الأكثر وَسَامَة، والأعظَم قَسَامَة، والأبرَز أناقة، في مَعمَعة الانتخابات المَحلية الصاخِبة، مُتغاضِين عن سِجلّ المُؤهِلات الوظيفية، ومُميّزات الخِبرات الذاتية… ولَهُم في ذلك الاختيار الذهني المُبرمَج، إرضاءٌ مَقبولٌ، يَتطابق طَرديًا مع سَقفَ بُلوغ رائز نمط عَقليتِهم الذهنية السائدة، آنذاك… وصَنو ذلك الاختيار المُستحوِّذ، يَطال ويَشمل سَلّة شَريحةِ الوظائف الشاغِرة، لشَغل مَهام السكرتاريا النسائية، حَيث تُؤخد مَظاهر جَمال الشَّكل وأناقة المَظهر، وحُسن التناسق الجسماني الظاهر، في قائمة حُسبان مُسوّغات القَبول، وإحلَال وتوطين التوظيف النسائي؛ لشغل مُتطلّبات مَهام ومَهارات السكرتاريا الفعّالة، على ذِمة رأيهم، في كُبريَات الشركات، ومَواقع البنوك، وطيف سَائر الخَدَمات الاجتماعية العامة… ولَعلّي هنا أشتشِفّ- بتحفظٍ واحتِراسٍ- على مَضضٍ تامٍ، سَرَيان واختيار هذا المَصل المُخدّر، في أجواء مَغبّة مّوجَات اجتماعية، مِن مَدّ وشدّ تّلابِيب العَولَمة المُتصاعِدة، برِمّتها، والضاغِطة نُشوزًا؛ والمتفاقِمة انَتشارًا؛ والمتعاظِمة مَطًا، فِي طُول شَرايِين، وعُمق أَورِدة، وعُرضِ خَواصِر، وحَواضِر المُجتمعات المُعاصرة “المُتحضرة” قلبًا وقالبًا!
هَذَا، وتُؤيّد فُروق وجَمهرة مِن رُوّاد الباحثين، وصُفوف العلماء النفسانيين المعاصِرين، أن مُدّة طُول بقاء وصُمُود الانطباع الأَول، تُوصَف بمصطلح “طويلة العُمر والأجَل” نسبِيًا… غير أن هناك مِن لُفافة حُزمَة سَلّة الأُمور الطارئة؛ ومِثلها، رِزمَة مِن سَفَط المُفارقات الظاهرية الحُبلى، قد يَنتأ، ويَبرز شائك شطئِها، عَرَضًا شَاخِصًا، مَع لُهاث دَورة مُرور الزمن، وحَرَاك أشواط مُدّة فُتُور مُماثل مُتزامِن مِن آثار سَابِقة الضّعف المُتخاذِل، وعَلامات لَاحِقة الوَهَن المُتكاسِل، اللّتان مَا فتِئ تَقادُمهما يَنخَر، بفَتكٍ وهَتكٍ مَلحوظَين، في جَوف هَشاشَة العظام المُتجَسّدَة، في حُلّة خِرَق خَام أسْمالِها القديمة البالية…!
وعلى صُعُد تَسلّل ناصِع مَواقف نَفرةِ، ومَدارِج صَعدَة مَحطّات نَباهَة حَدس الانطباع المُوفّق؛ وسَرَيان بَلاهة صَرعةِ الاصطِباغ الوقتِي المُتسرّع، بصِيغة الاندفاع والتهور القابعَتين في سُدّة أحضان مَحطات الضفّة القاصِية النائِية؛ لتُرتَسمُ هناك، أحوَال مَساعِينا؛ وتُنسَجُ بمعيّتَها الضابِطة أسرار مَرامِينا، بمشيئةِ القُدرة المُقدّرَة، لربّ العزّة والجَلال، ومُسيِّر شؤون حاضِر الأناسي؛ ومدبِّر قادِم أمور الأَجيال… ونِعمَ بالله الخالق المنّان، ذي الطَّوْل، والجَلَال، والإِكرَام… قَولًا، وعُلوًا، وتَصرّفًا… في جُلّ أمور، وكُلّ مَناحي ومَسالك شؤون خلقه… ومِن عَظِيم وعَمِيم بَركتِه المِعطاء، نَستمدّ مَدد العَون؛ ومِن قدسِيّةِ ضِيائه، نقتبِس أنَوارَ الهداية؛ ومِن سَعَة رِفده، نَستَرحِم طلبًا مُجزيًا في نيلِ شآبيبِ أمطار إِنعَام المغفرةِ الظافرةِ؛ ومِن بَالِغ جُودِه وعَطفِه، نستلِذّ السُقيًا مِن بارِد سَلسَبِيل شَواطئ ينابَيع رَحمَتة الواسِعة الراحِمة… وعلى بَركَة الله تعالى، فَليَتوَكّل المُتوكّلُون!