تنوير: اجتماعاتنا كالسكّين!

بسم الله الرحمن الرحيم
من نِعم الله سبحانه على الإنسان أن جعله اجتماعيًا بطبعه، يألف مماثله ويأنس بالجلوس والحديث والملاطفة مع بني جنسه.

والمجالس التي نجتمع فيها كثيرة ومتنوعة؛ ومن الطبيعي جدًا أن يحضر الشخص في المجلس الذي يحبه حيث يجتمع مع من يوافق ميوله ورغباته..

فبين مجلس علميّ، وثقافيّ، وأدبيّ، وبين ما يُهتم فيه بالرياضة أو الاقتصاد، وحتى الترفيهيّ كما في الحدائق والمقاهي وشواطئ البحر، ولا ننسى الاجتماعات العائليّة.

وفي الحقيقة فإنّ هذه المجالس المتنوعة كالسكين؛ سلاح ذو حدين.. ربّما يخرج منها الإنسان بفائدة يُثاب عليها وربّما خرج منها بإثم يعاقَب عليه!

نعم؛ فالبعض -لغفلته- يتصوّر أنّ إثبات وجوده بين الناس بكثرة الكلام وعلوِّ الصوت والخوض فيما يَعرف وما لا يعرف؛ فيقع فيما لا يحمد عقباه..

والأدهى والأمر حين يتغيّر مسار نقاشه مع الآخرين إلى الكذب والنميمة، أو التهكم والانتقاص وخصوصًا من المؤمنين، أو الإفتاء في أمور الدين، وقد يتساهل البعض في شتم عرض الآخر -والعياذ بالله- وكأنّه أمر عاديّ!

أيها الأحبة ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «حبس اللسان سلامة الإنسان»[1].

وما أجمل أن نأخذ بنصيحة حكيم صادق كالإمام جعفر بن محمد عليه السلام بعين الاعتبار حيث قال:
«اسْتَمِعُوا مِنِّي كَلَامًا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الدَّرَاهِمِ الْمَدْقُوقَةِ: لَا تَكَلَّمَنَّ بِمَا لَا يَعْنِيكَ وَ دَعْ كَثِيراً مِنَ الْكَلَامِ فِيمَا يَعْنِيكَ حَتَّى تَجِدَ لَهُ مَوْضِعاً؛فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ بِحَقٍّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فعَنِتَ [2].
وَلَا تُمَارِيَنَّ سَفِيهًا وَ لَا حَلِيمًا؛ فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَغْلِبُكَ وَالسَّفِيهَ يُرْدِيكَ.
وَاذْكُرْ أَخَاكَ إِذَا تَغَيَّبَ عَنْكَ بِأَحْسَنَ مِمَّا تُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَكَ بِهِ إِذَا تَغَيَّبْتَ عَنْهُ وَ اعْلَمْ أنَّ هَذَا هُوَ الْعَمَلُ.
وَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِالْإِحْسَانِ مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ‌» [3].
والحمد لله ربِّ العالمين.


‌[1] جامع الأخبار: 109.
‌[2] أي: فأخطأ.
[3] الاختصاص: 231.



error: المحتوي محمي