إذا بلغ الشذوذ مداه فلننتظر حجارة السماء
• قد تكون الحجارة فقرًا أو وباءً أو جفافًا.
• كلما اتسعت الرذيلة صعب الإصلاح.
• وكلما انتشرت الفواحش الغريزية ضعف المرشدون.
• أصعبها عندما تنقلب القيم وتفقد تأثيرها.
قرية مملوءة بالخيرات ويعيش أهلها في أطيب حياة فأسرفوا في الشهوات وانحرفوا عن الفطرة البشرية حتى تحولت إلى واقع اجتماعي سيؤثر على مفاهيمه القيمية، ليصبح عرفًا محميًا بقانون الانحراف وسوف يضعف المؤثر الإصلاحي فلا يجد المرشدون سبيلًا إلى إعادة مفاهيم وقيم الفطرة وتتجه النفس إلى مرحلة التأقلم مع الواقع المنحرف بكل شذوذه، حتى يصعب ضبط بعض انحرافاته ويستحيل إعادة بوصلته الأولى ولن يكون هناك إلا محاولة لبعض التموضع القيمي.
بل يصبح أكثر خطورة حينما لا يكون هناك مجال لأبعاض الترميم مع اتساع الخراب فلا يكون هناك سوى إنهاء الوباء بكل مرضاه وبمن قَبِل به فلا يكون هناك طريق إلا إنهاؤه.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ، فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.
تلك سديم قرية بغور الأردن عُرفت بوفرة ثمارها وخضرتها حتى دخلها وباء الفحش والشذوذ، وكان الله قد أرسل إليهم لوطًا ليصلح أمورهم ويعيدهم إلى فطرتهم السليمة فرحل ودعاهم ولم يزدهم ذلك إلا نفورًا وإصرارًا على فاحشتهم بل صاروا يفعلونها جهارًا وفي الطرقات.
حتى دعا عليهم لما استيأس منهم فنزلت الملائكة لتنزل العقاب ولما دخلت الملائكة سديم استقبلهم لوط مخفيًا لهم وبسرية شديدة لئلا ينتبه قومه فيراودوه عن ضيوفه وهذا يمثل أدنى مستويات الانحراف، فقامت زوجته بإبلاغ قومها فأتوه طالبين هؤلاء الفتيان للفاحشة حتى طمست الملائكة عيونهم فلم يبصروا وصدر القرار الإلهي بإنزال العذاب صباحًا ولتخرج يا لوط من قريتك.
نزل العذاب فلم يبق منهم أحدٌ حتى زوجته التي هلكت مع قومها فحل بها العذاب.
إذن، استعداد الإنسان للانحراف حتى عن فطرته هو أمر ممكن وخير شاهد هذه القصة القرآنية ولا شك في أنها استمرت فترة لتنتشر بين الناس فيمانعها بعضهم ويصمت عنها آخرون حتى تأخذ بكل القرية ويصبح ذلك الانحراف أمرًا مقبولًا بل يتحول إلى أن يكون هو الأمر الطبيعي وما عداه شاذًا.
الانحراف الغريزي هو أسهل الانحرافات البشرية لأنه لا يحتاج إلى أكثر من ترك الغريزة تعمل كما تريد وعندما نحمي الانحراف بقوانين وتطبيع فيصبح الأمر واقعًا وتتسع دائرته وتميل إليه الرغبة الجنسية شيئًا فشيئًا وكلما اشتدت به بحث عما يشبعها.
وليس باللازم اتساع الجهل بالانحراف فقد يكون المفهوم موجودًا {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} أي مخالفون لهذا الشذوذ ولكن لغياب المصلحين {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} وانتشار الرذيلة يصبح الحل عسيرًا.
بعض الانحراف هو أمر حادث لكنه ممقوت تشريعًا واجتماعيًا ويمكن علاجه ولو طالت فترة العلاج.
إن الحضارة العجوز تنشر اليوم هذا الشذوذ الجنسي وبصورة غير معقولة وكلما اتسعت دائرتها وتم تطبيعها اجتماعيًا وتشريعيًا كلما زاد أتباعها والمدافعون عنها وأصبحت عصية على الحل ويستحيل علاجها ويبدأ تكيف الإنسان مع مرض الغريزة.
ومع الأسف الشديد يسهم فكر النسوية اليوم في تقوية الانحراف الشاذ من المثلية مما يذيعونه كثيرًا عن خيانة الرجل والتنمر عليه والتشكيك في سلوكه فيسهل الطلاق ويكثر الشذوذ.