السهل الممتنع

دخول الإنسان لهذه الدنيا برحمة الله وبركاته، ويبدأ بها مشوار حياته، والتي هي محسوبة له من أول لحظة، ولا يمكن للإنسان أن يعلم متى؟ وأين؟ وكيف سيموت؟.

وبما أن الحياة الدنيا محطة من محطات الإنسان في الوجود، فلله حكمة في بقائه الوقت المناسب له، والذي به إما يكون في أحسن تقويم أو في أسفل سافلين، وهذا بما كان في جوهر روحه وبما حمله من موروثات من أبويه، وبعد ذلك ما اكتسبه من تعلم وعايشه من تجارب وأحداث تترك بصمتها عليه، وبذلك كله يتفاعل مع معطيات الحياة اكتسابًا للطاعات أو اجتراحًا للآثام، والمحصلة هي ما سوف ينتقل معه للحياة الأخرى، ولكن متى؟ وكيف؟ وأين؟ لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

والرحلة على سهولتها هي ممتنعة فنحن من عايشناها، وجدنا أن هنالك أجنة في بطون أمهاتهم قضوا نحبهم، وأن هنالك من خرج للدنيا ومات عند خروجه، ومن بقي فيها أيامًا وآخر أشهرًا وآخر سنوات، من خرج فيها مشوبًا بالعلل والأسقام، ومن خرج معافى ثم أتاه المرض بعد ذلك وعاش معه طوال حياته، ومن كان مريضًا ثم شفي ولم يمت بمرضه.

من عُمّر فيها حتى القرن وأكثر بصحة و عافية لم يصب بمرض، و ما كان عن المرض فهو أيضًا لجميع ما يناله الإنسان من هذه الدنيا، من مال وجاه وأولاد وقدرات وإمكانات وكلها له من جهة وعليه من جهة أخرى، فهو إن استفاد منها في عمله كانت له وإن لم يستفد منها كانت عليه وبالًا دنيا وآخرة.

ولهذا فإن الموفق من استفاد من كل ما أعطي من وقت وصحة ومال وأولاد وجاه وعقل وذكاء وغيرها، للحظة التي لا يعلمها والتي قد تأتي بغتة وهنالك لا ينفع الندم.

ما أسهل الدنيا وامتناعها عن إعطاء الإنسان ما يريد دون أن يعطي المقابل مما أوتي، فلكل شيء ثمنه.



error: المحتوي محمي