ذؤبان المجتمع ووحشية التعامل

وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بعضًا عَيانا
محمد بن إدريس الشافعي

يُقال إن الذئب لا يأكل لحم بني جنسه، ونحن نأكل بعضنا أحياءً وأمواتًا، نستعرض تعاملات ذؤبان المجتمع التي تأبى الحيوانات المفترسة الذئاب والضباع القذرة فعلها {أرجو ألا يتحسس أحد أو يتوجس ويقول إن المقصود فلان كما هو حال البعض يعتقد وأغلب ظنه وحسب قراءته بين السطور أنه يعني “زيدًا” لا أدري ولماذا؟} الكلام يا كرام عام يتعرض لصفات لا لذات ومن يتهم ويبدّل يتحمل تبعته أمام الله.

(أولًا): باسم الدِين: يستولي على المرافق العامة “المشتركات الخدمية وغيرها” دون أداء واجبها يستغل سمعته وما أضفاه المقربون من تزكية وبثقة من هذا وذاك يسعى الكثيرون لتأييده فيتخذهم دروعًا فكرية سامعين طائعين يفرض رأيه الأوحد عليهم لو اطلعوا على حقيقته لوجدوا أعمالًا تخالف أقوالًا وما كانوا به يظنون.

الدين إيمان حُسن معاملة وخُلق لا ركوع ولا طول سجود وطواف بين ركن ومقام أو سعي بين جبلين ورمي شيطان بحجارة، الأولى أن يُرمى الرامي بها كن بالله مؤمنًا ولعباده مخلصًا ولنفسك متدينًا وكيف وأين كنت صائمًا مصليًا.

(ثانيًا): في العرض والأسرة والمجتمع: (1) في العرض: يكبّر للإحرام في الصلاة ثلاثًا بدلاً من الواحدة تحفظًا ولا يُذكر أحدُ في حضرته إلا وينال من عِرضه وأخلاقه وذمته، يدخل الجنة مَن يحب والنار مَن يكره يغفر لقوم واللعنة لآخرين ينسب كل شينٍ لمخالفيه تعديًا بأسلوب ولسان يأسر بهما أسماع الحاضرين فيصدقونه تراه في مقدمة صفوف المصلين وعند خروجه يأكل السحت علانيةً الغيبة والنميمة والبهتان أحلى وجباته.

(2) في الأسرة: أبواه شاخا تركهما وما علم أنهما شابا من متاعب أوصلته إلى ما هو عليه، جار لا يتفقد جاره “الجار من الأسرة” ويسأل ليطمئن على أحواله إن كان مريضًا يعوده، أو يشارك رحمًا قريبًا من بيته في سرائه وضرائه، ظالم يحبس الميراث عن مستحقيه وهناك مَن يستغل أموال زوجته ومتوحش في معاملته لها وبين جلسائه عظيم الأخلاق {لا أعني من تقف مع زوجها الصالح وتساعده في تكاليف المعيشة وتعينه على متاعب الحياة مثل هذا يفدى بالروح، شيء جميل وحسن يزيد المحبة والاستقرار ولها أجر وثواب} الأسرة مكان اصطياد ضحايا هؤلاء باختيار محكم يقدمون للزوجة وهمًا من الحوافز على طبق مذهبة إن هي طُلقت أو خَلعت ومتى استجابت ونفذت وقعت ضحية بين الأنياب إن كانت ذات راتب أو مال استحوذوا عليه وأغرقوها في قروض وبخبرتهم يحكمون طوق الهلاك حول عنقها يغلقون الأبواب لا زوج صالح ديون متراكمة طريق الحرية مغلق كيف النجاة؟ على النساء خاصة المتزوجات أن ينتبهن ألف مرة قبل أن يقعن في فمٍ يطحن عظامهن “المثل يقول” تُطعم السمكة فإذا صيدت؟؟؟ وكلمة كنت مخطئة لا تعيد ما أخذ منك.

(3) في المجتمع: يعثون فسادًا يشككون في العلماء العاملين وأعلميتهم وفي الأخيار المتطوعين ومكانتهم يسقطون الجميع كذبًا وهم مدركون يوقعون بين الجيران يفرقون الأحباب يخونون الخلطاء ويحرضونهم على بعضهم حسدًا وحقدًا يفشلون المشروعات الخيرية لأنها بزعمهم تعارض مصالحهم أو لم يُمكنوا منها ليتاجروا بها يسيئون للجمعيات الخيرية بالطعن في القائمين عليها بدلاً من شكرهم بنوا ضرارًا ليُهدم مسجد قباء ما بنوه إلى النار ويبقى قباء شامخًا صلاة ركعتين فيه بعمرة.

(ثالثًا): في الأموال والمعاملات: مُؤجر لا يرحم مستأجرًا إن تأخر لم يكن متلاعبًا “الآن يمر بظروف قهرية أخرته” دائن لا يمهل مدينًا ما كان مماطلاً فيما مضى “إنما عرض له ما حال بينه وبين الوفاء” مُقرض لوجه الله لا يرد المقترض ما أخذ “مع تمكنه ولا يشكر مَن قدمه “غني لا يساعد محتاجًا” تحقق عنده صدقه “أرملة تجول بأيتامها لا تُؤجر سكنًا بحجة كيف تسدد؟ ومَن أحكم قبضته على أموال بمكر وحيلة وثق به صاحبها أوهمه يشغلها أكلها حتى شبع والأخير ينتظر أرباحًا أو إعادتها فلا ربح ولا عادت، بائع يطلب قوت يومه الإيجارات والطلبات اليومية تلاحقه أرهقته الحياة لم يف له المشتري بقيمتها مع قدرته. موّصل للمدارس أجير عَرِق جبينه مرهق ضامي الشفتين ضاعت أتعابه ومعلم تقوية لم يجد مقابل تعليمه ووكيل لإنهاء عمل يتلاعب بعواطف موكله تسلم منه كامل حقه ولم ينجز ما اتفق عليه وربما أمسك مستندات يساوم مقابل إرجاعها.

والأشد قسوة وفتكًا من يحتكر ضروريات المجتمع الثابتة منها والمنقولة والمنجزة حتى إذا ما ارتفعت الأسعار لا يملك الضعيف قيمة يشتري بها مسكنًا أو ينهي عملًا “القائمة تطول” وبهذا أكتفي.



error: المحتوي محمي