يوم الإثنين 10 أكتوبر، عند الساعة الثامنة مساء، وفي رحاب صالة السيد علوي الخباز، مقر نادي الفنون، عقدت جلسة حوارية فنية شيقة لجماعة الفن التشكيلي، أتت هذه المرة مختلفة عن اللقاءات السابقة.
أمسية فريدة، كتفرد الزخارف الجصية المعلقة في المنازل القطيفية القديمة، ازدانت بحضور كوكبة من الفنانين والباحثين والمهتمين، ابتدأت الجلسة بتقديم الأستاذ والفنان والناقد والداعم لنا عبد العظيم شلي، مع الأستاذ إسماعيل هجلس المهتم بالزخارف والتراث وفن العمارة وبالتحديد البيوت القديمة بالقطيف..
تكلم في البداية عن كيفية تأثر أجدادنا بمن حولهم، ليترجموا تأثرهم بزخارف فريدة جميلة، ويبتكروا أخرى لتزيين منازلهم العامرة بالبذخ الزخرفي الجمالي.
ثم تحدث عن الرموز الفنية بالمنازل القديمة ومعانيها المتجسدة بالزخارف الجصية ومسمياتها ومختلف أشكالها وأنواعها، مستعرضًا الكثير من الصور المميزة وهي من التقاطاته، والتي عرضها عبر جهاز البروجكتور مدللًا ومسترشدًا بكل فكرة ومعلومة عن هذا الإرث الزاخر بكل معاني الفن والجمال، كما تفاعل الحضور بطرح الأسئلة والاستفسارات والمداخلات المهمة.
لحظات تلهم الفنان وهو يتأمل الجمال والإبداع اللحظة تلو اللحظة أيقظت لدي الهوية النائمة.
شخصيًا زرت المنازل القديمة وبالمصادفة برفقة الأستاذ والمرشد إسماعيل هجلس، وذلك في مهرجان البراحة الأخير، حينئذ كان الوقت ليلًا وعلى ضوء الكشاف المحدود، أتذكر كيف أني انبهرت كثيرًا بالرغم من الظلام.
أما الليلة أحسست بشعور التقصير وأحسست بالذنب الشديد؛ لأني لم أذهب لزيارة البيت القطيفي القديم نهارًا لأمتع ناظري عن كثب لأستلهم مما تبقى من أثر.
في القلب لوعة وفي النفس حسرة، من واجبنا جميعًا؛ مهتمين وغير مهتمين أن نتعرف عن معاني هذه الزخارف وقوتها وأصالتها، والتي تمثل هويتنا القطيفية.
حينما تكلم الأستاذ عن بساطة المنازل من الخارج وغموضها من الداخل معلقًا: (إن الخارج للجميع وأما الداخل فهو لأصحاب البيت يتفننون ويبدعون، أما الآن فانعكس كل شيء)، أعتقد بالنسبة لي كفنانة تشكيلية مقصرة جدًا في إبراز الهوية القطيفية في لوحاتي، وأشعر بذلك حقًا، أن من واجبي أن أنهل من بحر هويتي الزاخر.
كما فعل الرواد في المنطقة حيث استلهموا وأدخلوا الزخرفة المحلية في أعمالهم وعلى رأسهم الفنان كمال المعلم الذي وظف الزخرفة الجبسية في أعماله التشكيلية من وقت مبكر، وجسدها في أعماله التصويرية والنحتية، كما استلهم العديد من فنانينا الآخرين.
حري بنا أن نسترجع ثقافتنا المتمثلة في منازلنا ولبسنا وفي حياتنا، وحان الوقت لإيقاظ هويتنا ونشرها عبر مجالات الفن والفكر والأدب.
شكرًا للأستاذ إسماعيل هجلس لإثرائه الجميل، ولإيقاظه الهوية الكامنة في نفس كل فنان.