كنت حريصًا جدًا على زيارته بين الفينة والأخرى، لتفقده والاطمئنان عليه وعلى صحته، لم أهمل أخذ الإذن منه ومن أولاده بمجالسته والحديث معه ومحاورته، وأثناء الحديث والذي يستغرق ساعات في كثير من الأحيان، لا نترك صغيرة ولا كبيرة في تخصص البناء وعمارتها إلا وتطرقنا لها، بداية من تفكيك رموزها وقراءتها حتى أجر العامل ومواد البناء وطرق استخدامها ومصدر المواد.
كنت حريصًا جدًا عندما يأتي وفود أو زوار أو سياح أثناء مرورنا بفريق الزريب بقلعة القطيف المحروسه، على أن نزور المرحوم في بيته بشرط أن يكون الحاج المرحوم عبد الرسول في أحسن حال، وينزعج جدًا عندما نجالسه بمعية إعلاميين أو ضيوف وهو غير مهيأ، من لباس ولا يقبل التصوير إلا بارتداء الغترة والثوب…
محياه وابتسامته كانت آسرة للضيوف، والأمر العجيب للآخرين والزوار أن هناك من يقطن منطقة القلعة، البيوت القديمة والمتهالكة لاعتقادهم أنها مهجورة بالكامل، يصابون بالذهول وفي نفس الوقت بالإعجاب والتقدير لوجود الإنسان والحياة والروح والحب والتسامح بين ثنايا الطين والحجر والجص.
العم أبا عبد العزيز أتذكر جيدًا، أنني إذا غبت عنك كنت تسأل وتتفقدنا، وأعلم أنك كنت تتضايق عندما تطول مدة الغياب.
ومن صفاته الجميلة، والتي جعلته في محل الحب لمن حوله، سعة صدره وتحمله، والأهم في ذلك حسن ظنه بالآخر، بالإضافة إلى حكمته وترويه وتريثه، وإذا سألته عن أمر ما!! لا يجيبك بل ينتظر، حتى يستجمع ما يمكن جمعه من ذاكرته، وهو خلاصة التسعين عامًا!
لم تكن علاقتي بالعم عبد الرسول للمعرفة الصرفة، بل تجاوز ذلك بكثير ، فبناته وأولاده كانوا إخوتي ومحط احترام وتقدير، بل يتفقدونك ويرسلون تحياتهم وسلامهم أثناء الغياب (أبوك يسأل عنك).
ولده علي أمس الخميس قبيل الانتهاء من الدفن يقول: راح اللي يسأل عنك ويسولف وياك واللي يحبك!!
رحمك الله أبا عبد العزيز بواسع رحمته.