جماعة بعض حكاياتهم إذا تسمعها من الممكن أن تقول: لا أصدق! معقول؟ أحيانًا تسكت وتبتسم! لكنهم بحسب كلام النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله) لا يدخلون الجنة: “لا يدخل الجنة قتات”، فمن القتّات؟
رَجُلٌ قَتَّاتٌ : نَمَّامٌ، مُخْبِرٌ، من يُبلِّغ كلامَ الناس على جهة الإفساد.
قديمًا، كانت أدوات “القتات” اللسان، يقول عنكَ عندي ويقول عندي عنك! فهل يا ترى في هذه الآونة توسعت أدواته فصار يستخدم القلم، يكتب عن فلانٍ الذي قالَ عن فلان! ويستخدم وسائلَ التواصل، ينقل عن فلانٍ وفلان؟ هذه الوسائل تحكي وتنقل الكثير فهل ليس فيها من ذلك شيئ؟ أدوات “القتات” تتبدل وتتطور، وفيها من الإغراء والجذب الكثير!
{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}، يقول المفسرون: “همَّاز” من مادة (همز)، (على وزن رمز) وتعني: الغيبة واستقصاء عيوب الآخرين. “مشاءٍ بنميم” تطلق على الشخص الذي يمشي بين النّاس بإيجاد الإفسادِ والفرقة، وإيجاد الخصومة والعداء فيما بينهم (ومما يجدر الالتفات إليه أن هذين الوصفين وردا بصيغة المبالغة، والتي تحكي غايةَ الإصرار في العمل والاستمرار في هذه الممارسات القبيحة).
يرمي “القتّات” مرساته ويغوص ليخرج ما في جعبته من حكايات، هو المؤلف الحقيقيّ لها، أو هي فعلًا حقيقة! ليس الغرض من غوصه استخراج ما في داخلنا من جواهر ولآلِئ، وجلب الصداقات، إنما استخراج ما في دواخلنا من عداواتٍ لم نعلم أنها موجودة!
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء المعايب”. فلانٌ تكلم فيكَ بكذا وكذا! فلانٌ قالَ عنكَ كذا وكذا وكثيرًا ما يكون ذلك القول نقصًا أو عيبًا! مفاسد “القتّات” أكثر من أن تحصى، وعلى المنقول إليه ألا يصدقَ الناقل وأن ينهاه لأن نهيه من النصيحة، وأن يبغضه لأنه مبغوضٌ عند الله، وألا يظن بالمنقولِ عنه شرّا!
خلاصة الفكرة: إياني وإياكَ أن نجلسَ على مائدةٍ يجتمع عليها “قتّاتون”! إذا هم اقتاتوا اليوم من لحم أخينا، غدًا يقتاتون من لحمنا أنا وأنت! موائد الحياة جميلة جدًّا، وفيها موائد من نار يتجمع حولها قتّاتون ونمامون ومغتابون، يطهون لحوم إخوانهم من البشر ويأكلونها بكل شهيّة ورغبة! اللحم مرّ لا يهم، حرام أكله لا يهمّ!
لفت نظر: نقل الكلام خيانة للأمانة وتشويهه خيانة مضاعفة، وتختلف الدراسات الاجتماعية في أيّ الجنسين، الذكر أم الأنثى أكثر نميمةً وحبًّا في جمع الحطب للنّار “الحشّ” ونقل الكلام!