كيف أرثيك؟!!

بماذا وكيف أبدأ حديثي عن رجل كان لي بمثابة المعلم والداعم المعنوي والوالد، متابعته وحرصه على بذل ما بوسعه في إيصال المعلومة الحقيقية في مجال البناء (البني) العربي، وهذا ليس أمرًا سهلًا على رجل متقدم في العمر تجاوز عمره التسعين عامًا، فضلًا عن مداهمة الأمراض له، والتي تقعد الشاب فضلًا عن الشيخ الكبير، ومع كل هذه الأوجاع والقسطرة والأمراض لم تتوقف حياته، بل مارسها متنقلًا بين مجالس الذكر ومواعيد المستشفى.

العم أبو عبد العزيز، كان له الفضل والباب الأول في تدوين التفاصيل المعمارية للمباني التقليدية، بدءًا من مواد وتقنية البناء، مرورًا ببعض التفصيلات في كيفية اختيار عمال البناء المحليين، قبل مجيء العمالة الأجنبية، واكتشاف النفط.

أبو عبد العزيز تسكنه الروح المتواضعة وحب الناس، تأنس بحديثه الذي لا يخلو من النكتة اللطيفة والخفيفة، لا تفارقه الابتسامة، مضياف كريم، كثير السؤال عمن يفقدهم، لا يتردد في إبداء السؤال والمعلومة، أتذكر جيدًا في بدايات تدوين وتوثيق العمارة التقليدية 2017 – 2018م، عندما سألته عن حرفة النقش على الجص! فسألته بأن لدي استفسارًا يزعجني كثيرًا، ولا يوجد لدي إجابة! ابتسم ابتسامة فيها الكثير من الأمل والروح الطيبة! وشهو هذا اللي شاغل بالك؟
الكثير يقول أن النقوش اللي على الجص يجيبوها من برا!؟ يسووها في الهند!؟

لم أكمل كلامي! استنفر وانزعج! ووضع يده على صدره وقال! أنا نقشت على الجص، وفيه من اللي بسويها وينقش وهم ومعروفين!
منهم أبو عبد العزيز! المرحوم ابن عمك الحاج أحمد أبو مكي السنان كان نقاش درجة أولى وغيره واجد، ومنهم يسوي الوجنات (زوايا النقايل والأقواس) ومنهم شاطر في التلييس وكل شي له متخصص، والمرحوم سعود صباخ متمكن في صف السافات وما يستخدم قبان (البِلْد) من قوته ودقته.

وقبل فترة في شهر 8 الميلادي، رغبت في زيارته لأتفقده وأطمئن عليه، ذهبت الساعة 9:30 صباحًا قبيل توجهه لمجلس الإمام الحسين بحسينية الجشي، فوجدت الباب مغلقًا على غير العادة!؟، فتواصلت مع أحد أحفاده (علي) فأخبرني بتعبه وشدة مرضه وبأنه لا يقوى على الحركة، فرحمك الله أبا عبد العزيز بواسع رحمته، سأفتقدك كثيرًا!؟




error: المحتوي محمي