يحكي التاريخُ حكاياتٍ جميلة جدًّا عن زواج النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله) بالسيّدة خديجة (عليها السلام). حكايات بديعة بمقياس ذلك الزمان وبمقياس هذا الزمان، ولعله بمقياس القادم من الأيام أيضًا. القارئ الكريم يمكنه أن يستمتع بقراءة هذه الحكايات البديعة من مصادرها.
زواج أنجب ذريةً مباركة قال عنها القرآن “كوثر”، لأن روايةَ سبب نزول سورة “الكوثر” تقول: إن المشركين وصموا النبي بالأبتر، أي بالشخصِ المعدوم العقب، وجاءت الآية لتقول: إنّا أعطيناكَ الكوثر.
لا يمكنكم أن تتصوروا الفرحةَ التي سادت في بيتِ النبيّ وبيتِ خديجة! فمن جهة هناك شابٌّ بلغ سنّ الزواج وهو يخطط لهذه المرحلة المهمة من حياته. كل العائلة دبت فيها فرحة؛ لبس جديد، زينة، مهر، خطبة، وصحبَة كبار العائلة إلى بيت المرأة المخطوبة. ومن جهة أخرى عائلة تربي بنتًا وصلت سنوات الزواج، رجلٌ كامل الأوصاف جاء إلى خطبتها، هي ترغب فيه وهو يرغب فيها والجواب حتمًا، نعم!
ثم بعد مدة، كلتا العائلتين تنتظران ثمار هذا الزواج؛ حفيدًا أو حفيدة يملأ عليهم الجو بالبهجة والسرور! كيف -إذن- إذا كان الزوج النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله) والزوجة خديجة ( عليها السلام) والثمرة فاطمة (عليها السلام)؟ زواجٌ وقرانٌ باركته السماء قبل أن تباركه الأرض!
فرحة البنت لا يمكن قياسها إذا جاء لخطبتها رجلٌ شهم؟ تبقى عدة ليالٍ مشغولةً بالتجهيز والاستعداد لتلك اللحظة! لا بد من أن ذلك اليوم أو الليلة كان أسعدَ أيام السيِّدة خديجة (عليها السلام)، وهو مشروعها الناجح الذي استثمرت فيه مالها وحلالها حين عرفت أيًّا من الرجال تختار!
مناسبة جميلة -زواج النبي محمد وخديجة- للتعرف على سيرتهما العطرة والتبصر كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختار الرجل زوجته، وكيف إذا ساد الإخلاصُ في الزواج حلت فيه البركة وطابت الثمرة. أظن أن الآباء والأمهات الذين مروا بهذه التجربة الرائعة يدركون تمامًا ما أردتُ وصفه من مشاعرَ وأحاسيس!
ولكي لا نتجاوز هذه المناسبة دون خلاصة: خالص التمنيات لكل شبابنا وشاباتنا بالاختيار الجيّد ونجاح مشروعات الزواج، وخالص التمنيات للآباء والأمهات والأجداد والجدّات أن يحصلوا على متعة هذه المناسبات وأن يكرمهم الله بزواجِ أبنائهم وبناتهم، قولوا: آمين!