في السفر عديد من الفوائد، لعل من أهمها اكتشاف عادات وثقافة الشعوب، ولكل إنسان رغباته في السفر، ولعلي أسعى دائمًا في أسفاري إلى البحث عن تلك العادات والثقافات لشعوب العالم.
في تايلاند التي لم أكن أعرف عنها أية معلومات سوى ما نقله لنا الخليجيون في حقبة الثمانينيات، وحين وصولي لبانكوك تأكد لي ما تم نقله لنا من خلال تلك الشوارع الليلية، وفي اليوم الثاني سرعان ما تغير كل شيء، حيث بدأت رحلتي نحو الجمال في العمارة والطبيعة، وحينما حطت رحالي في محافظة شينغ راي توجهت باحثًا عن عادات الشعوب الأقلية في تايلاند، واهتديت بمساعدة الأصدقاء في تايلاند إلى زيارة قبيلة أصحاب الأعناق الطويلة.
زرتها للمرة الأولى وكانت الدهشة تجبرني على الفرح بصمت، لكنهم لطفاء جميلون في ترحابهم بالضيوف، يفرحون حينما يأتي لهم زائر، وتجولت في كل الغابة بما تحتويه من منازل وجلست مع الكثير من النساء ألاطفهم وأسألهم عن سر ذلك الطوق الذي يحيط بأعناقهم وأرجلهم، وانتهت رحلتي بعناق حار لطفل رأيته يرسم فجلست معه أرسم وهو يضحك، وحينما غادرت المكان بدأت في البحث أكثر عن تلك القبيلة، وقررت العودة لهم مرة ثانية بعد يوم من زيارتي، وحينها ذهبت وأنا أعرف الكثير عنهم، جلست مع كل عائلة، واستقررت مع عائلة وفرشت لوحتي (لوحة المحبة والسلام) ودعوتهم لمشاركتي في الرسم فكانوا سعداء وهم يرسمون أنفسهم، ومنها عرفت أكثر أن هذه الغابة هي إحدى مصادر الجذب السياحي لهذه المدينة، وما يقومون به هو مجرد الحفاظ على تراثهم لإبقائه حيًا، وما القرية إلا مكان يعرضون فيه الشكل الطبيعي للحياة قبل سنوات طويلة وما تلك البيوت المبنية من القصب إلا نموذج لبيتهم، يمضون الوقت وهم ينتجون الحياكة والتطريز والنحت على الخشب لتكون هدايا ليقتنيها الزوار.
أصحاب الأعناق الطويلة
في عادات شعبية ومظاهر غريبة، لا ترى نساء قبيلة الكايان في تايلاند رقابهن إلا مرة واحدة كل عشرة أعوام.
قبيلة الكايان، وهي أقلية يقدر عددها حاليًا بـ200 ألف نسمة، كانت تعيش في ميانمار قبل أن تنتقل للعيش في مخيمات للاجئين داخل تايلاند.
وتشتهر القبيلة بارتداء نسائها لما يسمى خاتم العنق، أو كما يسمى في عرف القبيلة “لفائف الثعبان النحاسية”، وهي عبارة عن لفائف من النحاس تلف حول العنق منذ كون الفتاة في عمر خمسة أعوام طرية العظام، وتتم إزالة هذه اللفائف مرة كل عشرة أعوام، وزيادة طولها بهدف تطويل العنق، وهي المرة التي ترى فيها عنقها.