تعمدت ألا أكتب الصيدلي أو الصيدلاني قبل اسم أخينا وأستاذنا الكبير الحاج محمد رضا بن أحمد بوحليقة لعدة أسباب؛ أولها: أن شخصيته أكبر من المناصب والمسميات، وثانيها: أنه كان يمثل اسمه أكثر من منصبه في تعريفه، فالاسم والشخصية لهما تفاعل قد يخفى على الكثير منا بتوافقهما إيجابيًا، أي أن كليهما حسن سواءً الاسم والشخصية، أو بتوافقهما سلبيًا أي أن كليهما سيء الاسم والشخصية وهنا ينتج الصلاح في الحالة الأولى والفساد في الحالة الثانية، وفي حال كون الاسم سيئًا والشخصية صالحة أو الاسم حسنًا والشخصية سيئة فإن الاضطراب النفسي وارد بشكل كبير.
وللعودة لشخصيتنا الحاج محمد رضا ابن الشيخ أحمد بوحليقة فإن شهادتي فيه قد تكون مجروحة فمن يمدح أخاه يكون موضع تساؤل، عرفته عندما تخرجت في جامعة الملك سعود في العام 1420 – 1411هـ، وكان تعييني في إدارة تعليم البنات وصادف أن أخذنا جولة أنا وزميلي (الصيدلي/ سعيد حبيب الملا والذي عين معي أيضًا في الإدارة نفسها) في صحة الشرقية علنا نتعرف أوضاع الصيادلة هناك، والتقينا بالصيدلاني محمد رضا بوحليقة والذي بأسلوبه الفريد أقنعنا بطلب إرجاع ملف التوظيف إلى الخدمة المدنية وطلب العمل بوزارة الصحة لتقديم ما لدينا من عطاء في موقع العطاء الأوسع وهو وزارة الصحة وهذا ما حصل فعلًا وكأنما الزمان يعود من جديد، حيث إن الصيدلي محمد كان بعد تخرجه عام 1396هـ، من كلية الصيدلة والتي درس بها ست سنوات في أجواء من الغربة والمشقة والذي أوسع بذكرها في مقابلته الشخصية واللقاء معه، فإنه وفقًا للتعيين بشركة أرامكو وبعد فترة التدريب وانتظارًا لتعيينه فإنه التقى من أقنعه بالعدول عن أرامكو والعمل بوزارة الصحة وهذا ما حصل.
وهنا أرجع للمقدمة فلشخصيتة الفريدة والحسنة والتي كانت مزيجًا من الطموح والإخلاص والسعي الدائم للكمال والمثالية دون أن يشعر هو ربما بها، وكنا نحن المحيطين بها نراها لنا أنموذجًا ومثالًا نقتدي به، كانت تدفعه دائمًا لتقديم الأفضل والأحسن للآخرين وهذا النوع من العطاء قليلًا ما تجده، فهو من تربي بحجر والده الشيخ أحمد بو حليقة ومن ثم والدته بعد وفاة أبيه، وكان لذلك دور في صقل هذه الشخصية منذ الصغر على العطاء والاعتماد على النفس والثقة بالقدرات والإمكانيات الذاتية، مما انعكس بعد ذلك في جميع المهام التي أوكلت له في المستودعات برئاسة قسم الأدوية وإدارة المستودعات بعد ذلك، ومن ثم مساعد المدير العام للتموين بصحة الشرقية أعقبها رئاسة الرخص الطبية، وكان له دور كبير في إنجاحها وخصوصًا كما عرفته ورأيت عمله بعد ذلك عندما أصبح مديرًا لإدارة الرعاية الصيدلية بمستشفى الدمام المركزي أثناء عملي به معه، حيث وجدته دائم التحضير لأي عمل يعمله باستحضار متطلبات العمل واحتياجاته ومن ثم الجهات التي يمكن أن توفرها وطريقة توفيرها وبعد ذلك طريقة التنفيذ ومتى وأين وكيف ومن؟ كان كل هذا في كل عمل مما ينتج عنه الفرق بين العمل المتواضع والعمل المميز والذي ظهر في استحداث نظام الجرعة الواحدة للمرضى unit dose ودفع الصيادلة للعمل في مجال الصيدلة السريرية والذي جعل الصيادلة؛ مصطفى الخلف وإيمان محمد علي المحاسنة ومحمد بدر الشبيب وهم الذين زاولوا الصيدلة الإكلينيكية داخل الأقسام وبالأخص في العناية المركزة وأيضًا البدء في إنشاء قسم خلط المحاليل، وعندما أذكر ذلك فإنه ينطبق على جميع ما قام به بلا استثناء من إنشاء وتطوير وتحسين المواقع التي عمل بها سواءً ببيئة العمل أو النظم الإدارية والإجرائية أو الموارد البشرية للمستودعات والرخص الطبية والصيدلية وإدارة الصيدلية وجمعية الصيدلة والإعلام الطبي والندوات والمؤتمرات واللقاءات واللجان وأيضًا المشاركة مع الوزاره في تأسيس الجمعية الصيدلية السعودية وفي تحديث اللائحة التنظيمية لنظام الصيدلة السعودي وكذلك اللائحة التنفيذية للمؤسسات الصحية، كلها كانت بيد الصيدلاني محمد رضا والذي تسلح بالدبلوم في الصناعة الدوائية والسموم من بلجيكا، وأخرى للإعلان وللتسجيل الدوائي في برلين وأيضًا الدورات الإدارية المختلفة والمتقدمة منها، وهي فعلًا محمودة ولها الرضا ممن عايشها وهنا دور الاسم الذي طابق الشخصية الإيجابية فهو وفق منْ الله تعالى أن يكون محمود الفعال ومحمودًا عند من عرفه وأيضًا لديه الرضا وله الرضا ممن عرفه ورأى آثاره حتى بعد تقاعده، ومنها تفصيل الصيدليات بجميع تخصصاتها ومخازن الأدوية في مبنى القبو في المبنى الجديد (البرج) والتي رأيتها بنفسي بحسب موقعي بإدارة الصيدلية ولكن في التنفيذ ألغوا القبو مما أدى إلى إلغائها، وقبلها عندما نقلوا قسم الاسعاف إلى مبنى جديد أعطيت الصيدلية موقع الإسعاف السابق وتمت صيانته وتعديله بالتعاون مع سراكو بإشراف المهندس السعودي آنذاك وتم تأسيس الصيدلية المركزية والتي شملت الصيدلية الداخلية ومجموعة الصيادلة (لهم كل الذكر الحسن) والذين حضروا أدوية المرضى المنومين بنظام الجرعة اليومية daily dose والأدوية المراقبة والمحاليل والمعمل والتي كان بها مجموعة تحضر المحاليل الوريدية وخاصة للأطفال وكان عندنا الوحدة المعقمة (luminalhod) والأخرى التي وصلت بعد ذلك وإدارة الصيدلية وبقية المرافق التابعة لها، وبقيت صيدلية العيادات والإسعاف مستقلة في مكانها وجميعها مساندة بالخط الساخن للمعلومات الدوائية (drug information).
ولا أستطيع أن أقول فيمن كان يمثل الأخ الأكبر لي في الصيدلة إلا هذا القول.
فلك أبا أحمد حفظك الله بحفظه من أخيك الصغير هذه التحية.
وللقاء مع شخصيات دوائية