لقد شاءت إرادة الله سبحانه أن ترحل عنا كوكبة من المؤمنين، فضلت المقام الخالد على دنيا يسيرة في طريقها إلى الزوال، هذه سنن الله تعالى في خلقه، لا أحد يستطيع الاعتراض على القدرة الغيبية، هي من صنع الله سبحانه وألطافه الخفية، من هنا يُعْرف الله لمن يعطي وممن يسلب.. إنه حكيم خبير.. وحده الله يملك مقادير أمورنا. فالإمام زين العابدين (ع) يدعو “اللهم رضني بقضائك حتى لا أحب تأخير ما عجّلت ولا تعجيل ما أخّرت لعلمك بعاقبة الأمور كلها”.
الحمد لله على قضائه وقدره.. بحزن بالغ وأسى عظيم أكتب هذه السطور التي تئن وتوجع القلب بسماع خبر رحيل الدكتور السيد حسين السيد جعفر آل ماجد ابن الديرة الغالي إلى الرفيق الأعلى، وكان قبل يوم من لقاء ربه يتواصل مع أهله ومحبيه، وحتى كتابة هذه السطور لم نصدق أننا قد فقدناه بالفعل.. لقد دعي مستسلمًا لقضاء الله سبحانه وأمره، ما أقسى الحياة حينما تسرق منك الأحبة، لحظات مؤلمة ومفجعة.. مفجعة القلوب بالفراق.. مسرعة بذهاب الأصحاب والأخلاء، لن يكون الموت حزنًا وكربًا إلاَّ للذي ظن الخلود في الدنيا ورتع فيها واقتطف من ثمارها الحلال والحرام؛ لأنه يدرك أن هناك من سيذكره بهذه الدقائق التي تغافل عنها. تتضاءل كلمات الرثاء ونحن نودع رجلًا له مكانة غالية في قلوب الناس، فالحديث عن هذا الرجل لا يمكن أن يوفيه حقه، لقد استجاب السيد دعوة جده المصطفى صلى الله عليه وآله، والشوق الروحي ساقه لمدينة الرسول، فكم من مؤمن عاشق يرى الموت عيانًا.
نعم.. النهاية تعتمد على أمور أجلاها وضوحًا صحة سير الإنسان وقربه من ربه، وبعبارة أخرى الوصول إلى جوار الله. رحلت أيها السيد في أيام الحسين عليه السلام، وبجوار المصطفى والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، ويالها من جيرة ونهاية سعيدة وخاتمة مقدسة، فأنت في كنفهم وحمايتهم وضيافتهم فضمنوا لك شفاعتهم، وقبرك سيتلألأ بالأنوار وتحفه الملائكة وأرواح المؤمنين، فهنيئًا لك هذا المقام العظيم..
نستودعك الله أيها السيد الدكتور صاحب العطاء الطبي والاجتماعي، رحلت عنا -أيها المؤمن العبد الصالح- من هذه الدنيا إلى المقام الخالد، قال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فالله يقول أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، رحلت -أيها الوجيه- وفي قلبك واحة خضراء تحتضن محبتك للناس وإسعادهم، ومحبتهم لك، رحلت أيها الدكتور المتواضع وصاحب القيم الإنسانية النبيلة المليئة بالكرم والتسامح وحب الخير.. كم تألمنا لرحيلك أيها الرجل الطيب التقي صاحب الحضور الدائم والمشاركات الاجتماعية المميزة! ستبقى ذكرياتك الجميلة العطرة، وسيرتك الحسنة، وستظل صورتك عالقة في ذاكرة الأحبة كل الأحبة ولن تغيب عن القلب، على الرغم من انقطاع التواصل معك، وتوقف الإطلالات التي كنا نتشرف بإرسالها لك كل جمعة ومناسبة، وكنا نستقبل تفاعلك الجميل بكل شوق ومحبة، رحلت عنا تاركًا بصماتك الواضحة بعد مشوار طويل من العمل والعطاء والإبداع في المجال الطبي، أعطيت وقدمت وعملت من أجل خدمة بلدك المعطاء ومجتمعك والنهوض به، ولا تألو في ذلك جهدًا..
كانت بيني وبين الدكتور عدة وقفات شخصية ومناقشات، ومن خلال قناة التواصل حول بعض الموضوعات والقضايا التي كنت أطرحها عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وكنت دومًا أستمد القوة والدعم من خلال ذلك التفاعل والتعليق المثمر. ها أنت قد رحلت وتركت لنا رفوفًا من الذكريات التي عشناها معك والتي لن تغيب عن القلب، لقد رحلت عنا بلا وداع، يرحمك الله يا “أبا علوي” لقد كنت قريبًا من الناس فكل من بمجتمعك يكن لك الاحترام والتقدير.. لأنك كنت بالنسبة لهم أخًا وصديقًا، وإذا كنت قد غيَّبك الموت عنا.. فعزاؤنا أن أعمالك وإنجازاتك وأخلاقياتك.. ما زالت بيننا.. نتذكرك بها.. وندعو لك بالرحمة والغفران.