أثار إعلان وزير التعليم عن عزم الوزارة تطبيق حصة النشاط الحر في المدارس، اعتبارا من بداية العام الدراسي الجديد، العديد من ردود الفعل من قبل المعلمين وأولياء الأمور، مع أن الآراء المؤيدة والمعارضة لا تختلف في أهمية النشاط الحر في تحقيق التربية الشاملة للمتعلمين، والتي لا تقتصر على الجوانب المعرفية فقط، ومع الاتفاق على أن النشاط اللا صفي أكثر قدرة على إتاحة الفرصة لتحقيق التنمية المنشودة؛ لما تتيحه لإظهار إبداعات المعلمين وطاقات المتعلمين، وتمكنهما من التفاعل المباشر وتوثيق الصلات، وهي الأكثر قدرة على تحفيز المتعلمين على التفكير الإبداعي والعمل بروح الفريق وإظهار المهارات القيادية وممارستها، وما تتيحه للمربين أيضا من فرص لاكتشاف مواهب الطلاب وتنمينها، فطالما تحدثنا عن ضياع كثير من المواهب؛ لعدم اكتشافها في وقت مبكر ورعايتها، كما أن الوقت المخصص للنشاط يجعل المدرسة أكثر جاذبية وتشويقا في عالم يزخر بمصادر التأثير المعرفية والسلوكية على الأبناء والتي تتوفر فيها من الجاذبية والتشويق ما لا تستطيع المدرسة بواقعها الحالي منافسته.
كل هذه الأسباب وغيرها مما تضمنته آراء الذين تصدوا لمناقشة هذا القرار كافية لتبريره وبيان إيجابياته التي هناك المزيد منها.. أما الأصوات المعارضة فهي ليست ضد الفكرة من حيث المبدأ، ولكنها تتمثل في مناقشة الظروف التي سيتم فيها تنفيذ هذا القرار سواء من حيث كونه مفاجئا ويجيء في وقت قريب جدا من بداية عام دراسي جديد مع ما يرافق ذلك من ظروف مزدحمة بالاستعدادات والإرباكات التي لم نستطع طوال سنوات التخلص منها، وفي مقدمتها: العجز في أعداد المعلمين، وهو ما سوف يشكل عقبة تواجه تنفيذ هذا القرار خاصة وأن الصحف قد نشرت مؤخرا صورة لتعميم الجهات التعليمية على المدارس بتسديد العجز من المعلمين، بتكليف رواد النشاط وأمناء مصادر التعلم وغيرهم، في الوقت الذي يقتضي تأمين مشرفين على النشاط في كل مدرسة، بل ومضاعفة عددهم، كما ينبغي أن يسبقه تدريب لسائر المعلمين لإدارة هذا البرنامج ومناهجه وأساليب تطبيقه وتحقيق غاياته..
لا يعني ذلك أننا لا نقدر لمعالي الوزير حرصه على كل ما هو مفيد ونافع، كما نؤكد ضرورة تنفيذ هذا البرنامج في ظروف تضمن نجاحه، خاصة أن الدراسات المقارنة تثبت أن مدارسنا هي الأقل عناية بالنشاط الحر- على أهميته- من غيرها، حيث تشكل نسبة الزمن المخصص للأنشطة الرياضية والفنية وغيرها حوالي 17% بينما تزيد في غيرها على 40% تقريبا، إضافة إلى كون المدارس هناك تتوفر فيها الإمكانيات والخدمات المساندة التي تجعل تطبيقه ممكنا وناجحا.. نتفق مع معالي الوزير على أهمية البرنامج وما سوف يحدثه تطبيقه التطبيق الملائم من آثار إيجابية على طلبتنا.. ولكن نتساءل معه أيضا.. كيف.. ولماذا؟.