حَقّ السّمْعِ
السمع هي واحدة من الحواس الخمس التي أنعم الله بها على خلقه ويمكن القول: هي القدرة على الإحساس بالاهتزازات عن طريق جهاز وهو ما يسمى الأذن.
والسمع عملية تبدأ بالصوت المنبعث الذي يُعد المصدر منه وبعد ذلك يمر بالأذن وهذه الأذن هي التي تستشعر هذا الصوت وتلتقطه وتنتهي بعد ذلك بمركز السمع الموجود بالمخ.
حيث تتألف الأذن من ثلاثة أجزاء:
– خارج الأذن وهي ما تسمى بالأذن الخارجية.
– وسط الأذن وما تسمى بالأذن الوسطى.
– داخل الأذن وما تسمى بالأذن الداخلية.
في هذه الخاطرة سنتحدث باختصار عن حاسة من الحواس التي منحها الله سبحانه وتعالى هذا الإنسان فلو لم تكن فيه لكان فاقداً للطريق الذي يطل على العقل والقلب فالكلمات عندما تنطلق من الآخر لتدخل من خلال هذا الطريق لتستقرّ بالعقل.
فما كان هذا وظيفته فما ينبغي للإنسان تجاهه فهل يجعله مفتوحاً على مصراعيه أم ينبغي للإنسان أن يحده ويميطه عن الأذى حيث إن السمع عليه مسؤولية عظمى ورقابة دقيقة فيؤاخذ على ما فيه الخير والشر إما خير فيُؤجر عليه وإما شرّ فيأثم عليه.
روي أن رجلاً قال للإمام الصادق عليه السلام: “إن لي جيراناً ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود، فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعاً مني لهن؟. فقال له الصادق عليه السلام: تالله أنت! أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
وقال تعالى اسمه: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}.
من خلال ما ورد من النصوص الروائية نرى أن للسمع حقاً كما لغيره من بقية الحواس الأخرى كما هو الوارد عن أهل البيت عليهم السلام حول حق السمع من حيث تنزيهه من إيقاعه في الشر ومن حيث إعماله في الخير كما ورد عن الإمام زين العابدين الإمام علي بن الحسين عليهما السلام.
“وَأَمّا حَقّ السّمْعِ فَتَنْزِيهُهُ عَنْ أَنْ تَجْعَلَهُ طَرِيقاً إِلَى قَلْبِكَ إِلّا لِفُوّهَةٍ كَرِيمَةٍ تُحْدِثُ فِي قَلْبِكَ خَيْراً أَوْ تَكْسِبُ خُلُقاً كَرِيماً فَإِنّهُ بَابُ الْكَلَامِ إِلَى الْقَلْبِ يُؤَدّي إِلَيْهِ ضُرُوبُ الْمَعَانِي عَلَى مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَلا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ”.
كلٌّ منّا يعرف ما لبعض الكلام الذي نسمعه قد يسيء إلى العقل والقلب والروح وقد يسيء إلى طريق الهدى الذي يسلكه الإنسان كذلك.
وكذلك يعرف كل إنسان أن هناك كلمات مجرد أن يتفوه بها أو يسمعها ما لها من الأثر في الهداية والصلاح وترفع بمستوى الفكر والتفكير.
ولذلك ينبغي لكل إنسان أن يحاول اختيار الكلمات التي تدخل إلى عقله وعقول الآخرين لينموا نمواً صالحاً وتنمو الروح لتصل إلى أعلى مراتب القرب الإلهي.
ولذلك ينبغي للإنسان أن ينزه سمعه عما لا فائدة فيه “إِلّا لِفُوّهَةٍ كَرِيمَةٍ تُحْدِثُ فِي قَلْبِكَ خَيْراً” بحيث يجعله نافذة للقلب حتى يحدث فيه الخير ليعيش أجواءه.
أيضاً من خلال اختيار الكلمات الطيبة حيث تكسب الإنسان الخلق الكريم التي منها الصدق والأمانة وفعل الخيرات بل الانفتاح على الله جلّ شأنه حيث إن السمع هو الباب إلى القلب والمراد من القلب هو العقل.
“أَوْ تَكْسِبُ خُلُقاً كَرِيماً” نعم تكسب القلب والعقل ما يهديهما إلى الخير والحق والعدل فيصل إلى القرب من الله سبحانه وتعالى فلا ينبغي جعل السمع أن يكون نافذة إلى الشر.