يخف حَمْوُ القيظ ويخف حمو أمزجتنا؟!

تبيّن بعض الدراسات العلميَّة أن الطقس الحارّ – قد – يجعلنا أكثر قلقًا وانفعالًا وعنفًا. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن معدلات جرائم العنف تميل إلى الزيادة في الطقسِ الحارّ، وأظهرت بعض الدراسات أن العنفَ أكثر انتشارًا في الدول الدافئة، لأن الحرارة تشعر الناس بعدم الارتياح والغضب، مما يجعلهم أكثر عدوانيَّة.

معذورون! نحن في زمن تتقلب فيه العواطف والأمزجة، وتيرة الحياة تزداد سرعةً وأكثر إرهاقًا؛ ضغط في العمل، صراعات مع أفراد الأسرة / الشركاء، فقدان أحد الأحباء، هذه وغيرها من الحالات الصعبة تختبر قدرتنا على الصبر والتحمل. العديد من هذه المواقف لها تأثير سلبيّ على رفاهيتنَا أو أدائنا، تصبح النفس أكثر ضعفًا ويصعب التعامل مع المزيد من الإجهاد. ويتجلى التعرض الطويل الأمد للتوتر بشكل متكرر في تقلباتِ المزاج!

يخطر في بالي سؤال: إذا كانت الدراساتُ صحيحة، فلماذا عندما نذهب ونعيش في مجتمعاتٍ أخرى، نضبط أعصابنا وتكبر لدينا ملكة الصبر والنعومة؟ نسافر إلى بلاد – دافئة – في الصيف ولا يصدر منا ما يصدر في أوطاننا وبين أهلينا من حدة مزاج وفلتان أعصاب؟! إذن، لا بد أن يكون الحلم إما طبعًا أصيلًا أو يمكن للمرء أن يتعلمه، فإذا اعتاد واحدنا رقَّة الطبعِ صار رقيقًا، إذا تحلم صار حليمًا وانتقل من خلقٍ أوحش إلى آخرَ أجمل!

يوصي الإمام عليّ (عليه السلام): إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ! ما يستوحش منه من الشواهد في هذا الباب، كيف يوقع الغضبانُ نفسه في مآزق، ومواقف صعبة ومحرجة!

واحدةٌ من مضار الغضب – وهي لا تحصى – يعرفها الأطباءُ جيدًا: الهيجان العصبي ربما عجل الفناءَ والموت أو المرض! من حِكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): من أطلقَ غضبه تعجل حتفه!

خلاصة المرام: البيئةُ لها دور في طباعنا، لكن هذا لا يعفينا من تطويع طباعنا! إذا رغبتَ أن تصبح عالمًا فتعلّم، أردتَ أن تصبح حليمًا فتحلّم، أو كريمًا فتكرم! لا يولد المرء كاملًا، إنما ينمو ويتكامل في مسيرة حياته. جاء رجلٌ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله علّمني عظةً أتَّعظ بها، فقال له: انطلق ولا تغضب، ثم أعاد إليه فقال له: انطلق ولا تغضب – ثلاث مرات.



error: المحتوي محمي