من تاروت.. عبدالله البحراني صاحَب الصبعبلي عشرين عامًا.. بقي وفيًا لـ اسمه القديم وجدده بـ9 نكهات

قبل عشرين عامًا، وفي فصل القيظ تحديدًا كان ينتظر بكل سعادة قدوم الأطفال المشترين من الأولاد والبنات ممسكًا في يده أكياس “الصبعبلي” المثلجة التي أنتجها بنفسهِ بنكهات أربع مختلفة، فقد كان هذا الموسم الصيفي أشبه ما يكون بمهرجان المثلجات وآيسكريم الطيبين في ذلك الزمان، فالأولاد يتلذذون بطعمه وبرودته، والفتيات لهن فيه مآرب أخرى، فلونه الأحمر يكسب شفاههن حمرة خجلى يتباهين بها ولو مع أنفسهن فحسب.

هذا الكيس الصغير الذي لم يكن يتجاوز النصف ريال وبنكهاته الأربع بدأ كحلم صغير بسيط وتحول مع الوقت إلى مشروعٍ واقع يملك زمامه ذلك الفتى التاروتي عبدالله صالح البحراني بصورة أكثر تطورًا وتماشيًا مع متطلبات العصر، لكنه في ذات الوقت بقي مرتبطًا بأواصر الرحم بالتراث والقديم، فقد أصر عبدالله أن يكون للاسم التراثي “صبعبلي” نصيبهُ المحفوظ في مشروعه؛ ليبقى مذكرًا إياه بطفولته، وحافظًا به للأجيال القادمة.

كيس صبعبلي
تعود الذاكرة بالبحراني إلى ما قبل العشرين عامًا، حين كان مشروعه البسيط تقليديًا كباعة المثلجات القديمة أمثاله، فلا يتعدى أكياسًا بلاستيكية ونكهات بسيطة أيضًا، ولم يكن يمتاز في الشكل عن غيره من المنتجات المشابهة.

وبحلول عام 2019م بدأ البحراني بدراسة عميقة لتطوير منتجه من ناحية المكونات والشكل الخارجي والتصميم الملائم أيضًا، فكان أن استخرج التراخيص لجعل المنتج يتداول بالأسواق بشكل رسمي، لكنه أبى إلا أن يحتفظ باسمه التراثي “صبعبلي” وفاءً منه لهذا المنتج، وحافظًا له من الاندثار عند الأجيال القادمة.

صيف 2020
وعن انطلاق المشروع الحديث قال البحراني لـ«القطيف اليوم»: “مع كوني موظف قطاع خاص في إحدى الشركات السعودية الكبيرة، إلا أن “الصبعبلي” أبى إلا أن يكون صديقي الصدوق الذي لازمني منذ الصغر، ولذلك فقد قررت الاستمرار فيه بصورة أكثر تطورًا وملاءمة لعصرنا، وعلى حسب الخطة المدروسة تقرر أن يكون انطلاق مشروعي الفعلي في صيف 2020م، ولكن شاءت إرادة الله تعالى أن يصادف تدشين الصفحة الخاصة بالمشروع مع اجتياح جائحة كورونا للعالم كله، مما أدى إلى تأجيل التدشين إلى صيف
2021م”.

تسويق
امتهن البحراني صناعة الصبعبلي بالطريقة التقليدية معتمدًا على ذاته لما يقرب الـ20 سنة، وحينما بدأ بتطوير مشروعه تثاقلت وازدادت المهام في الإنتاج لديه، وتولدت مهام جديدة تمثلت في التوزيع والتسويق، فتقاسم المهام مع والدته -أطال الله عمرها- وشقيقته، فصارت مهام الإنتاج من نصيبهما، والتوزيع والتسويق والإدارة المالية ومتابعة العملاء من نصيبه.

من أربع لتسع
بدأ ابن الجزيرة مشروعه البسيط بأربع نكهات كانت هي السبيل المتوفر في ذلك الوقت، لكنها الآن وبمشروعه الجديد أضحت 9 نكهات مختلفة، يتم إنتاجها في معمل خاص وبمعدات مخصصة، ويقوم البحراني حاليًا بتحضير مجموعة جديدة بشكل جديد أيضًا وبنكهات طبيعية 100%، وهو يرى أنه سيكون للمنتج الجديد طابع خاص يميّزه عن جميع المنتجات المتواجدة في السوق من الشركات، ومن المتوقع أن يكون دارجًا في السوق بحلول صيف 2023م.

ذائقتنا
يتلمس ابن جزيرة تاروت ذائقة المنطقة، ويرى أنها هي التي تخلق الفرق بين مُنتجه ومنتجات الشركات المتواجدة في الأسواق، فالنكهات التي ينتجها تلامس ذوق المنطقة وتناسب ذائقتها، ويدلل على ذلك بنكهة اللبن، فهذه النكهة مختصة بذوق منطقة القطيف فقط، وكمثال آخر فالنكهات التي تتوفر فيها الحموضة العالية غير متوفرة في الأسواق من قبل الشركات، وهي مرغوبة بقوة في منطقة القطيف.

اسم واحد ومنتجان
لم يلقَ مشروع البحراني في بدايته الترحيب والرواج المرجو؛ بسبب مقارنة الناس سعر المنتج الحالي بالمنتج التقليدي الذي يجمعهما الاسم نفسه، فقد ربط الناس بين المنتجين بالاسم فقط دون تجربة المُنتج، ولذلك جاء التطوير ليس فقط في طريقة تقديم المنتج فحسب، وإنما أيضًا تم تطوير النكهات المستخدمة بمكونات ذات جودة عالية ومن هنا بدأت خطواته تقوى وتنجح آملًا أن تصل به وبخطة مرسومة لفتح مصنع خاص -بإذن الله تعالى.

أمنية
يأمل البحراني أن تكثر المهرجانات الصيفية على مستوى منطقة القطيف حتى يستطيع من خلالها المشاركة في المهرجان وتعريف الناس بالمنتج بشكل ملموس بعيدًا عن التسويق في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه أيضًا يرى في هذه المواقع بوابته نحو تحقيق مشروعه بخطى ثابتة، فقد استطاع من خلالها الاستغناء عن فتح محل خاص، والاكتفاء بتوفير المنتج في نقاط البيع، ولديه الآن ما يقارب 35 نقطة بيع ما بين القطيف والأحساء.

رحلات ومنتجعات
يزداد طلب الصبعبلي لدى البحراني في موسم الصيف حاله حال باقي المثلجات والآيسكريم، فالطلب يزداد ويزدان في هذا الموسم الحار الذي يحتاج فيه المرء لما يثلج به نفسه، لكنه أيضًا لديه من النكهات ما تبقى صامدة في سوق الطلب والرغبة من الزبائن حتى في الشتاء، وتبقى مواسم الإجازات هي الأكثر طلبًا ورواجًا للمثلجات والصبعبلي، وخاصة لتميزه بتقديم صناديق خاصة ملائمة للرحلات والمنتجعات والاستراحات.

حلم وحقيقة
“استيقظ من حلمك وابدأ العمل” تلك كانت نصيحة البحراني لكل من يفكر في مشروع ما بأنّ عليه أن يتوقف عن الحلم ويبدأ فعليًا في العمل، وأن يحدد النقطة التي سيبدأ منها دراسة مشروعه، ويفكر بشكل إيجابي، ويبتعد عن الأشخاص المحبطين والسلبيين، فلا وقت للتردد، بل عليه أن يكون أكثر مشجعًا لنفسه، وأن ينتهز الفرص في تطبيق المشروع، فالوقت الآن هو وقت الذروة المناسب لفتح المشاريع.




error: المحتوي محمي