وتبينوا.. وتثبتوا

هناك بعض الأحداث والمواقف التي تجري خلاف العرف والعادات والمسلمات والدين في مجتمعٍ ما يبتلى بها جماعة أو فرد، في الوقت الذي ندري أو لا ندري خلفياتها ومسبباتها، وتستلزم التأني وعدم التسرع في الحكم عليها، ووجوب مراعاة الستر بدل الإشهار والتسابق على تخمين أحداثها واللهث وراء نشرها دون رويةٍ أو حذر أو حيطة، ودون معرفة الأسباب والحيثيات، متناسين مراعاة أصحاب الشأن منها، مما يضع أصحابها في حرج شديد.

هذا النوع من الاجتهاد والعفوية ربما يكون سببًا كافيًا ينعكس سلبيًا على المجتمع، ويعكر صفوه ويربك ثقته في أفراده ويخلخل لحمته في الوقت الذي يكون فيه السبب بعيدًا عن الحقيقة التي نجهلها تماما.

لا يمكن أن يحقق هذا النوع من الأخبار سبقًا صحفيًا ولا انفرادًا يسجل باسم صاحبه، بل العكس تماما؛ لأنه نوع من التشهير غير المقبول مهما كانت مصداقيته.

إن أي مجتمع معرض لحدوث مشكلات ونزاعات وخلافات وتقلبات؛ أفرادًا وجماعات، لأسباب مختلفة دخيلة أو داخلية، وهي عادة ما تنجلي بمسبباتها إما بالحلول البينية أو عن طريق أهل الحكمة أو بالقانون، وإما أن يتناولها المجتمع المحيط كمادة دسمة للحديث أو الكتابة، فلربما يسبب ذلك في تأزيمها، وأخذها إلى منحنًى آخر يزيد من تعقيدها ويخرجها تمامًا عن دائرة واقعها الواقعية مما يضع أطرافها في مأزق يصعب حله، ويجعلهم يختنقون ويختفون عن محيطهم، ولعلهم يخسرون حياتهم حين يدسون رؤوسهم في عالم الانطواء والوحدة خشية المجتمع والعيون.

علينا أن نترفق ببعض هذه الحالات ونتثبت ونتبين ونكون جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة، ونحمل بعض الأحداث على المحمل الحسن وننطق القول الحسن، ولا نظن غير الظن الحسن، وأن نداري ونداوي بدلًا من أن ننكأ الجراح فتصعب الحلول.

وبما أن عالم الميديا سرعان ما ينشر هذه الأخبار مثل النار في الهشيم مما يزيد من حدة التأزم، إلا أن علينا أن نتخذ من العقلانية والحكمة طريقًا سويًا هنا، وأن نصوب البوصلة باتجاه المنطق، والاتزان حتى تستتب الأمور ونحافظ على قوام مجتمعاتنا الفاضلة، والتي ستبقى فاضلة بالرغم من بعض الرياح العاصفة التي تمر بها وسرعان ما تنجلي.



error: المحتوي محمي