القصة تعاد، إلا أن الأبطال يختلفون، وتفاصيل الأحداث تتغير، ويبقى شيء واحد ثابت لا اختلاف فيه؛ الإيثار والتضحية سمة واضحة في أبناء محافظة القطيف، لا سيما إذا تعلق الأمر بإنقاذ حياة. الحكاية هذه المرة بطلها شاب في مقتبل العمر، لم يصبر على آلام أخيه ومعاناته مع الفشل الكلوي فقرر أن يقتطع جزءًا من جسده، ليحيى به أخاه.
إبراهيم محمد السادة في الثانية والثلاثين من عمره، الابن الثاني بين 5 إخوة، عاش تفاصيل مرض أخيه الأكبر مهدي، وربما كان ترتيبهما الذي يأتي تباعًا حيث إن مهدي هو الابن الأول، قد جعل تلك المعاناة أقرب إلى قلب أخيه الذي يأتي بعده مباشرةً، وبمجرد أن شعر أنه بحاجة للتبرع قرر أن يبادر لتخليصه من آلامه.
خمسة عشر عامًا تنتهي بالفشل
بدأت أوجاع مهدي قبل أكثر من 15 عامًا، حين أصيب ببعض المشكلات الصحية التي شخصت على أنه يعاني من مرض “المثانة العصبية”، ولم يقف الأمر عند هذا التشخيص، فمرضه تسبب في ارتجاع والتهابات في الكلية.
أمضى ابن الرابعة والثلاثين قرابة نصف عمره وهو يحاول أن يتعايش مع مرضه، إلى أن تطورت حالته وأصيب بالفشل الكلوي قبل سنتين.
وجع تنهيه الأخوة
رحلة مهدي امتدت لعامين مع أوجاع الكلى، ولأن العائلة هي أكثر من يستشعر أوجاعك، فإن عائلة السادة حاولت أن تنهي معاناة ابنها الأكبر بأي وسيلة، حتى وإن كان ذلك بجزء من جسد واحد من أفرادها.
يقول أخوه إبراهيم لـ«القطيف اليوم»: “بعد أن شخصت إصابة شقيقي الأكبر بالفشل الكلوي، عندها بدأ يخضع للغسيل الكلوي الدموي، وعندما احتاج إلى شخص للتبرع، كنت جاهزًا لذلك”.
ويضيف: “تقدم أكثر من شخص من عائلتي ليتبرع بكليته لأخي، إلا أنني بدأت بالفحوصات الطبية أولًا، والحمد لله كانت الفحوصات ميسرة وسهلة والمراجعات على الموعد”.
ويعبر عن شعور الفرح داخله بنيله شرف التبرع لأخيه بقوله: “الحمد لله كانت نتائج فحوصاتي متطابقة مع أخي وشرفني ربي بأن أسهم في إنقاذ نفس وروح بشرية”.
تكاتف
لم تكن رحلة التبرع رحلة ثنائية لمهدي وإبراهيم فقط، فالأخوان حظيا بمساندة الأهل والأصدقاء، منذ بدايتها، إلى أن وصلت الرحلة إلى نهايتها السعيدة؛ يوم الإثنين 25 يوليو 2022م، بعد أن تمت العملية بنجاح، وجسّد إبراهيم مجددًا معنى واضحًا للآية الكريمة ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ..﴾، وسجل اسمه ضمن عدد غير قليل لأشخاص قدموا أغلى ما يملكون لإنقاذ أرواح أحبة لهم، كان الفشل الكلوي قد حرمهم أن يعيشوا حياة طبيعية كغيرهم.