عندما يحصل تجمع لأي مناسبة، ولنفترض أن تجمعًا ما من أجل مناسبة دينيّة، أعدّ له مكان، استؤجرَ محاضر، وهيئ للمناسبة طعام خاص، فما هي أكبر كلفة “مادية” يكلفها هذا الحشد؟
في بعض المناسبات يكون التجمع البشري من كلّ أطياف المجتمع، أعمارًا مختلفة، ذكورًا وإناثًا، تخصصات علميَّة شتى، ثقافات متنوعة. لو كان الحشد مائة شخص لمدّة ساعة واحدة، فإن كلفة الحضور -للحصة الواحدة- ما يقارب عشرةَ آلاف ريال، إذا افترضنا أن ما ينتجه كل فرد من الحاضرين في ساعةٍ واحدة يساوي مائة ريال، فإذا كان في الحضور الطبيب والمهندس والعامل، إذن بكل تأكيد، الكلفة الماديَّة أكبر بكثير!
بعض المناسبات يتكرر التجمع فيها وعلى عدة أيام، لذلك لا بدّ أن تطغى فائدتها على كلفتها المادية. نعم، التجمع -الديني- لا يمكن فيه حساب الأرباح والخسائر بالمعادلة المادية، وما عند اللهِ خير وأبقى من الربح الوفير في الآخرة، لكن ما الضير أن يصبّ الجهد والوقت في مصالحَ بيِّنة وظاهرة، مثل ثقافة ورقيّ المجتمع؟!
ما أردت أن أقوله في هذه الخاطرة القصيرة هو أن للوقتِ قيمة عظمى. ليس في كل يوم يتوفر جمع كبير من أطيافٍ متعددة من المجتمع، آذان صاغية، قلوبٌ واعية، عقولٌ منفتحة، يستفيد منها المتكلم أو المحاضر الذي يلزمه أن يؤدي بمقدار هذه الكلفة من فائدة. في هذه الآونة، أصبحت عادةُ قراءة الكتب، خاصة لدى الشريحة الناشئة، عادةً نادرة. جلّهم منشغلون بقراءة أشياء لا تأتي على تفاصيل تاريخيَّة وعقديَّة أو علميَّة مهمة، وإن أتت على شيءٍ من ذلك، فهم -الشباب- يكتفون بها دون تمحيصٍ أو تدقيق. يوجد في الشباب الناشئ، من لم يقرأ كتابًا واحدًا ذا معنى وفائدة! المحاضرات والمناسبات الدينية تسد قليلًا من تلك الفجوة المعرفية!
جودة المادَّة وتقييم الوقت المناسب لبسط المادّة وشرحها، شيآن لا بدّ أن يلحظهمَا المحاضر من أجل تقليل الكلفة الماديَّة، فإذا كانت المادة مفيدة زادت قيمتها، وإذا كانت غير مفيدة، أو أقلّ فائدة، ضاع الوقتُ وقيمة الإعدادِ هدرًا!