المطلوب دورات صيفية إبداعية

قلت لأحد الآباء إن ابنك متفاعل جداً في دورة أحب الصلاة.نظر إليّ متعجباً وقال: هل تمزح؟! لم يكن راغباً بحضور الدورة! قال لا أريد دورات. تعبت من الدراسة أريد أن ألعب. ابتسمت للأب وقلت: إن شاء الله يكمل الدورة معنا ويستفيد منها.

من خلال تجربتنا المتواضعة في مجال البرامج الصيفية للأطفال أذكر لكم بعض النقاط:

التشجيع لطلب العلم
علينا أن نحث أبناءنا لطلب العلم كما يقول الإمام علي (عليه السلام): “مروا أولادكم بطلب العلم”. ويقول (عليه السلام): “علموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به”(1).

لا تنقضي هذه الإجازة دون أن يستفيد منها الأبناء علمياً، لا تكن هذه الإجازة إجازة فراغ، بل علينا أن نخطط بعض البرامج التعليمية ولو بالمقدار البسيط، (ساعة تعليمية) قراءة أو مشاهدة مادة تعليمية مفيدة.

دورات اكتشاف الطاقات
أطفالنا لديهم طاقات وكفاءات جميلة، ولكن ربما هذه الطاقات لم تجد لها البيئة المناسبة لتتحرر وتؤتي ثمارها، ربما تكون هذه الدورة هي البيئة المناسبة لتفجير تلك الطاقات ولذلك علينا أن نكتشف هذه الطاقات.

على القائمين على هذه الدورات أن يكتشفوا المواهب، والإبداعات وأن يستخرجوا تلك الكنوز.

دورات متجددة
لا أعتقد أن أطفالنا يقبلون على دورات تقليدية، إنهم يعيشون عالم الإلكترونيات وعالم الخيال العلمي، وعالم الألعاب الإلكترونية وغيرها.

علينا أن نجدد دوراتنا بما هو مناسب لتوجهات أطفالنا، ليكن لدينا دورات تعليمية حديثة تتضمن التشويق، تتضمن اللعب والتعليم.

دورات بناء الذات
من الدورات المهمة التي ندعو لها دورات بناء الذات، لتكن دورة القرآن الكريم أو دورات تعليم الصلاة منطلقاً لبناء الذات من خلال: الدعوة للتفكير الإبداعي، وليس التلقين والحفظ.

علينا أن نعلم الطالب أهمية التفكير والتأمل في الآيات القرآنية أو مفردات الصلاة.

مثلًا ماذا تعني الطهارة؟ هل هي طهارة الملبس والجسد أم أنها طهارة الروح والأخلاق فتكون الشخصية طاهرة ونقية قلباً وقالباً؟

تعزيز الثقة بالنفس: استخدموا عبارات التشجيع، ابتعدوا عن النقد، أنصتوا للطالب بكل كيانكم دعوه يتكلم ويعبر عن فكرته. ارفعوا من روحه المعنوية بكلمة طيبة وثناء جميل.

التطلع للمستقبل: سألته ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ فأجابني: مبرمج روبوت. هذا الطموح من شأنه أن يخلق مبدعين في المستقبل. لذلك تحدثوا لهم عن المستقبل بمنظور جديد.

بناء القادة
روي عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام أنه دعا بنيه وبني أخيه فقال: إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته (2).

هذا الطفل بداخله قائد عظيم، عليكم أن تكتشفوه، وإليكم هذه القصة:

تبدأ القصة مع المعلمة (تومسون) التي كانت تدرس الأطفال بعض المواد. كل التلاميذ كانوا معقولين إلا طفلاً واحداً أعياها أمره. إنه تيدي ستيوارد.

كان يسرح بالنظر ولا يركز، كسولًا خاملًا منطويًا معزولًا، لا يعتني بملابسه وهندامه. أما علاماته في الصف فكانت دومًا تأخذ بيد المعلمة تومسون وبخط عريض أحمر: راسب.

بقيت المدرسة متضايقة، وبقي تيدي يمشي من سيئ إلى أسوأ في الصف. حتى جاء ذلك اليوم الذي وقع تحت يد المعلمة سجل الطالب (القصة المدرسية)، نظرت المعلمة وهي مصدومة لتاريخ الطفل ستيوارد، لقد كان رائعًا في الصف الأول، وأفضل في الثاني، وممتاز في الثالث، شهد بهذا كل من علم الطفل تيدي.ثم حصل الانعطاف في الصف الرابع مع بداية تعلمه على يد المدرسة تومسون، لقد نكس الطفل على رأسه بعد أن عانت أمه المرض طويلًا ثم ماتت، ولم ينتبه له الأب المخمور، وبذلك كانت صدمة الموت للطفل أكبر من التحمل فقرر الانسحاب من الحياة واللحاق بمن يحب.

انتبهت المعلمة تومسون للموضوع وخجلت من نفسها وبدأت تعتني بالطفل تيدي بشكل ملحوظ مع دلال خاص له. لم تمض عدة أسابيع حتى أصبح تيدي طبيعيًا، ولم ينته العام إلا وكان في قائمة أفضل الطلبة. فرحت المعلمة وأمسكت دموعها وهي تسلمه شهادة النجاح بتفوق.

وفي عيد ميلادها تنافس الطلبة في إحضار الهدايا وما أحضره تيدي لم يعجب الأطفال كثيرًا فقد لف الهدية بورقة سمجة من أوراق لف الأغراض في السوبر ماركت. فتحت المعلمة الهدية كان فيها عقد من الأحجار المزيفة ناقصًا واحدًا. وزجاجة عطر مليئة للربع مما كانت تستعمله والدته.

أخذت المعلمة الهدية وأثنت عليه خيرًا. انصرف الطلبة إلا هو ليقول لها أنت أفضل وأحب معلمة مرت علي في حياتي. أمسكت المعلمة تومسون دموعها لأن هذه العبارة ستتكرر وفي كل مناسبة على مدى 20 عامًا، وفي يوم جاءتها بطاقة دعوة لحضور حفل زفافه وتحتها كان الاسم مختلفًا: الدكتور ثيودود إف ستيوارد!

حضرت الحفلة وقد لبست نفس عقد الأحجار المقلد نفسه ووضعت العطر نفسه الذي يذكره بوالدته! تعانقا طويلًا وبكيا بحرارة، وقدمها لعروسته وهو يقول لها هذه أحب وأفضل معلمة في حياتي! بكت المعلمة وقالت بل أنت معلمي وقائدي الروحي ولولا أنت لكنت في ظلام الروتين وتفاهة الحياة وجمود البرامج الميتة.. أنت من بعثت في الروح وبدلت حياتي يا أحب وأنجح طالب ومعلم في حياتي.

و(تيدي ستيوارد) هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز “ستيوارد” لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا في الولايات المتحدة، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة.


الهوامش:
(1) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3680
(2) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 2 – الصفحة 152



error: المحتوي محمي