كثرة الرّبابين تُغرق السفينة وكثرَة الطبَّاخين تُحرق الطبخة!

مثلان نتداولهما في ثقافتنا الخليجيَّة، الأوَّل: كثرة الرَّبابين تغرق السفينة والثَّاني: كثرة الطبَّاخين تُحرق الطبخة. العالم والجاهل يعرف إذا كثرت الرَبابينُ والرَبابِنة جمع كلمة رُبّان؛ وهو رئيس الملاحين والشخص المسؤول عن إيصال السفينة إلى المرفأ، مع الركاب والبضاعة بسلام، يغرق المركب، وإذا تعددت الآراءُ بارت وفسدت طبخة الطعام!

كذلك، البيت له رأسٌ واحد يديره، فإذا تصارع الزوج والزوجة على من منهما يملك الدفَّة، غرقت السفينة، وضاع الجملُ بما حمل. امرأةٌ بألف رجل! لا يفضل الرجل على المرأة بشيء، عقول بعضِ النِّساء في وزن الجبال، وحكمتهنّ أصوب من آلافِ الرجال، مع ذلك الرجل هو الذي صدرت له الأوامر بأن شمّر عن ساعديكَ وتحمل المسؤولية. أما ركابُ السفينة فهم أعوانٌ لك على القيادة! ليس المقصود من ربانٍ واحد -الرجل- الاستبداد والديكتاتورية، بل أن تكون القيادة واحدةً ومنظمةً، وتتحمل مسؤولياتها.

يُعرف الشيء بضدِّه! كيف هي حال المجتمعات التي فيها الزوج رُبَّان، المرأة رُبَّان، البنت رُبَّان والولد رُبَّان؟ هل هم أقرب للفوضى أم أقرب من تحقيق الأهداف المنشودة من الأسرة؟ نرى أنه ولأسبابٍ سخيفة تنتهي الحياةُ الزوجية ويَنهدم بنيانها! ومن ثم هشاشة وضعف المجتمعات! أنتم تقولون: هذا واحدٌ من الأسبابِ وليس كلها! نعم، هذا سبب قويٌّ وجليّ، وليس هو المسبب الوحيد لتآكل نظام الأسرةِ في بعض المجتمعات!

أُعطي الرجلُ هذه المسؤولية على افتراض أنه يتمتع بخصوصياتٍ معينة، القدرة على ترجيحِ جانب العقل على جانب العاطفة والمشاعر، وقوَّة بدنية أكبر، يستطيع بالعقلِ أن يفكر ويخطِّط جيدًا، والعضلات يستطيع أن يدافع بها عن العائلة ويكسب وينفق على الأولاد والزوجة وليس من باب القهر والتسلط!

في هذه الآونة نرفض ونستنكر أن يكون للمصنع والورشة والشركة أكثر من رئيسٍ واحد، ويكون له معاون أو أعوان. ولا نقبل أن يكون لمؤسسة العائلة قيادة واحدة، تحت إشراف الرجل! فماذا عن النتائج؟ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}. ألا تسود الفوضى في إدارةِ الأسرة ويختلّ قوامها إذا لم يعط الرجلُ دفَّة السفينة؟

إسنادُ وظيفة ومسؤولية ترؤّس الأسرة إلى الرجل لا تدل على أفضلية شخصيَّة الرجل من النَّاحية البشريَّة -لأنه رجل- وقد ترجح المرأةُ زوجها في بعضِ الأمور، لكن الرجل أعطي القيادة الأسريَّة في الدنيا، أما في الآخرة، فلا أحد يرجح على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح!



error: المحتوي محمي