«دايتمان» في الحج

سألني كيف كانت العمرة معك؟ إن شاء الله ما تعبت..
أجبته مبتسمًا: الحمد لله انتهت الأمور على ما يرام؛ عندما انتهيت من الأعمال شعرت بأعراض انخفاض السكر، لكن عند صعودنا الحافلة وجدت أن إدارة الحملة كانت قد أعدت لنا وجبات خفيفة مكونة من العصير والفطائر الخفيفة.. تناولت الوجبة والحمد لله.

اليوم سوف تتناول وجبة غذاء شهية، الحملة تعاقدت مع شيف ممتاز.. مبدع.. يطبخ طبخات لذيذة؛ كبسة، برياني، مشويات.. لا تفوتك وجباته.. أنت دافع مبلغ وقدره.

هكذا حدثني الحاج منصور ونحن نتجه للمطعم، ثم أردف: نظام التغذية هنا في الحملة هو بوفيه مفتوح؛ تأكل حتى تشبع.

بعد أن اخترت وجبتي من البوفيه، نظر إليّ الحاج منصور قائلًا: ما هذا؟! لا تقل: إنك تتبع حمية، أنت هنا في الحج ودافع فلوس.. عليك أن تأكل.

قلت له: أنا مصاب بالسكري وعليّ أن أتبع حمية خاصة.

قال: أنا مثلك مصاب بالسكري، لكن في الحج عليك أن تأكل؛ فأنت تتحرك وأعمال الحج تتطلب منك أن تأكل جيدًا، أنا حميتي مفتوحة في الحج، دعك من هذه القيود.

قلت له: كلامك سليم، لكني لا أريد أن أتجاوز الخطوط الحمراء، سآكل بما يتناسب مع حالتي..
قاطعني قائلًا: أنت الآن تجاوزت الخطوط الحمراء والخضراء، أراك تأكل الأرز، أليس هذا مخالفة ؟! دعك من هذه الخطوط.. أجبته مبتسمًا: أنا أتبع حمية تعتمد على حساب الكربوهيدرات وهي تسمح لي بأكل الأرز بالكمية المناسبة مع الأنسولين ونسبة السكر في دمي، بعبارة أخرى هذه الحمية تهدف إلى الموازنة بين كمية الكربوهيدرات المتناولة والأنسولين لتحقيق مستويات طبيعية للسكر.

نظر إلي متعجبًا وقال: لكن هذه الحمية لا تنفع في الحج، هنا عليك أن تأكل لتؤدي أعمال الحج على أكمل وجه، ثم إني لا آخذ أنسولين مثلك وهذا يجعلني أكثر حرية منك.. علاجي هو – فقط – خافضات السكر.

قلت له: إن اتباع النظام الغذائي وحمية غذائية أمر مهم بالنسبة لمرضى السكري سواء كنت تأخذ أنسولين أم لا.. وأظن أنه عليك اتباع الحمية لضبط السكر، والتخلص من السمنة؛ فوزنك واضح أنه سمنة، وتذكر أن خسارة نسبة أكبر من الوزن ستساعدك في تحسين التحكم بمستوى السكر.

قاطعني قائلًا: لقد اتبعت الكثير من الحميات وجميعها فشلت.. من حمية أتكنز إلى حمية الشوربة الحارقة وغيرها.

قلت له: أنت تحتاج إلى تغيير سلوكك الغذائي؛ حيث أراك تأكل بسرعة، أنت لا تمضغ أنت تبلع الطعام، ولهذه العادة الكثير من المشاكل الصحية بعضها مرتبطة بالجهاز الهضمي، بل تؤثر على السكر في الدم، لذا أنصحك بمضغ الطعام جيدًا فهو يساعد على عدم ارتفاع مستوى السكر في الدم.

دعك من هذا الكلام و تناول طعامك و عش حياتك وأكمل حجك، والله يتقبل منا ومنك.

وهكذا أنهى الحاج منصور الحوار، وختم وجبته بقطعة من الكنافة قائلًا: هذه الكنافة سوف تحترق في مشوارنا إلى الحرم عصر هذا اليوم، وقبل أن يغادر سألني عن اسمي فقلت: اسمي فتحي..
ضحك وقال: أنا سوف أسميك حجي دايت أو “دايتمان” وليس حجي فتحي، وأتمنى أن لا تغضب فنحن في الحج.

ذات يوم رآني أتناول حبة تفاح فسألني مازحًا، حجي فتحي: كم عدد الكربوهيدرات في التفاحة؟!
أجبته ضاحكًا: فيها 15 جم تقريبًا.

سألني: هل تشرب معي كأسًا من الشاي الأخضر بدون سكر فقد قرأت أنه يُخفض نسبة السكر في الدم.

شكرته على دعوته، وقلت في المرة القادمة إن شاء الله أشرب معك.

ذات مساء سمعني الحاج منصور أطلب خبزًا أسمر، فقال: يا حجي فتحي لا تعقد الأمور؛ فلن تضار إذا أكلت الخبز الأبيض.

قلت له: هذا ليس تعقيدًا؛ فإن وجد الخبز الأسمر وإلا فالخبز الأبيض ليس ممنوعًا عنا، بشرط تناول نفس الكمية المسموح بها.

وما هي إلا لحظات حتى توفر الخبز الأسمر، قلت للحاج منصور هل أحضر لك خبزًا أسمر، أجابني: لا.. لقد شبعت.

في اليوم السابع ذهبنا لجمع حصيات الجمار.. كان يومًا ممتعًا.

دعاني الحاج منصور لتناول مشروب غازي دايت؛ قائلًا: لا شك أنك تشعر بالعطش، خذ هذا المشروب برد على قلبك، لا تخف لن يرفع السكر عندك.

قلت له: أشكرك على هذا الاهتمام، لكني أفضل أن أشرب الماء فهو أكثر أمانًا وصحة من هذه المشروبات، وقد تعودت أن أضيف إليه بعض النكهات المختلفة كأوراق النعناع الطازجة، أو ماء الورد، أو قشور الحمضيات، أو شرائح الليمون؛ بهذه الصورة يصبح شرابًا منعشًا، هل تريد أن تجرب؟

قال: اجمع حصياتك بلا فلسفة.. هيا الجماعة تنتظرنا في الباص.

في اليوم الثامن وبعد وجبة الغذاء كنا نستعد للمغادرة إلى عرفة..

أين الحاج منصور لا أجده في الصالة، ترى هل ذهب للبقالة أم أنه يغتسل؟!

ذهبت لدورة المياه، ناديته حاج منصور هل أنت بالداخل؟

أجابني: نعم أنا هنا.
قلت له هيا اخرج؛ الباصات ستتحرك بعد قليل إلى عرفة، هيا أسرع.
أجابني: اذهبوا عني؛ بطني يؤلمني.. اذهبوا عني..

انتهت،،



error: المحتوي محمي