الحاج منصور الكبيش حاضر في قلب سيهات.. الاثنين وقف مكرِّمًا ومكرَّمًا.. والسبت غادر محبيه مُشيّعًا

قبل خمسة أيام فقط، وقف الحاج منصور بن أحمد بن حسن الكبيش مكرِّمًا ومكرَّمًا، فهو حتى حين قررت مدينة سيهات الاحتفاء به وبعطائه، لم يدخر الوقت لنفسه فقط، ولم يرغب أن يكون وحده بطل المشهد، بعد أن اعتاد أن يعطي ويكرِّم ويحتفي لا العكس، لذلك فإن يوم الاثنين الماضي كان يومًا آخر من أيام التكريم في حياة ذلك الرجل، وكان أبطال تكريمه ذلك اليوم أشبال الفرقة الكشفية الخندقية.

الكبيش ذلك اليوم  رحّب بالضيوف والزوّار، وتمنى لجميع الطلاب إجازة سعيدة وحياة كريمة مليئة بالعلم والعمل على خدمة الوطن، -ذلك هو باختصار ما ذكره في كلمة التكريم-، وكأنه أراد أن يقول سأغادركم وأنا أدعو لكم كعادتي طوال عشر سنوات، إلا أن وداعه لأولئك الطلبة هذه المرة لم يكن وداعًا قصيرًا محدودًا بإجازتهم الصيفية، بل كان وداعًا أخيرًا لا عودة فيه، فحفل التكريم كان بمثابة حفل وداع.

اليوم وبعد مرور خمسة أيام على أمنياته للجميع بإجازة سعيدة، ودّع الحاج منصور الجميع وغادر الحياة إلى مثواه الأخير، بعد أن اقتطع سُبع عمره لخدمة بلدته وأبنائها وتحديدًا أبناء مدرسة الخندق الابتدائية.

وكانت سيهات قد عرفت عطاء الكبيش وحرصه على التطوع قبل عشر سنوات بعد حادثة دهس راح ضحيتها طفلان بجوار مدرسة الخندق الابتدائية بسيهات وقت انصرافهما في نهاية الدوام.

تلك الحادثة التي خلقت من جار المدرسة الحاج منصور حارسًا أمينًا على أرواح أولئك الملائكة الصغار، في اليوم الثاني للحادثة مباشرة.

ولم يكتفِ الكبيش بالحفاظ على أرواح الطلبة أثناء دخولهم وخروجهم من المدرسة، حيث كان يعمل على تنظيم الحركة المرورية صباحًا وظهرًا، من الساعة 6 صباحًا إلى خروج آخر طالب في المدرسة عند الساعة 2 ظهرًا، بل كرّس جانبًا من جهده وحياته ووقته للعمل التطوعي من أجل الطلاب في جميع أنشطة المدرسة الداخلية والخارجية من تنظيم الإذاعة والاصطفاف، والرحلات وتنظيم ركوب الطلاب الحافلات والنزول منها، وتكريم الطلاب المُتميزين، وحل المشكلات الطلابية والالتقاء الدائم بأولياء الأمور.

وامتدت مشاركاته أيضًا إلى تنظيم الكثير من الفعاليات مثل الاحتفاء باليوم الوطني، وذكرى البيعة، والمعسكرات الكشفية، وغيرها، بالتعاون مع مكتب التعليم في محافظة القطيف.

جهود “الكبيش” في العمل التطوعي لم تغلق على نفسها أبواب مدرسة الخندق الابتدائية بسيهات فقط، بل امتدت جذور عطائه لعدد من المدارس في محافظة القطيف، حيث كان يحرص على زيارتها؛ لتكريم معلميها بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فضلًا عن زياراته لتكريم بعض مدراء المدارس لحصولهم على مراكز متقدمة على مستوى القطاع، وإدارة التعليم بالمنطقة الشرقية.

ولطالما كان الحاج “الكبيش” يولي اهتمامًا كبيرًا بالطلاب، فكان يحرص دائمًا على عمل العديد من الزيارات المنزلية والمدرسية؛ لتكريم الطلاب الموهوبين والمتميزين، والحاصلين على مراكز متقدمة على مستوى القطاع، وإدارة التعليم بالمنطقة الشرقية.

الكبيش في سطور
الحاج منصور بن أحمد بن حسن الكبيش يبلغ من العمر 72 عامًا، من مواليد حي الديرة بسيهات، عمل في مؤسسة عبدالوهاب بن منصور المعلم للمقاولات، ثم في شركة بترومين (contract)، ثم في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وتقاعد قبل الحادثة المؤسفة للطفلين بعامين وتحديدًا في عام 1432 هجرية، والتحق  بالعمل التطوعي بمدرسة الخندق الابتدائية بسيهات يوم الاثنين 22 ربيع الآخر 1434 هجرية، في تمام الساعة 6 صباحًا.


الكبيش في تكريمه لأبناء الكشافة

الكبيش في تكريم أبناء مجتمعه له



error: المحتوي محمي