ماذا أنتَ صانع لو حرمتَ مدَّة من هاتفك «الذكيّ»

من أكثر الأسئلة شيوعًا عند حجز غرفة في فندق هو: هل هناك غرف مزوّدة بخدمة استقبال (واي فاي) أفضل من غيرها؟ وعند الوصول إلى محطة الاستقبال: ما هي كلمة السر للاتصال بخدمة (واي فاي)؟

لهذا يعتمل في داخلي سؤالٌ طالما أحببتُ أن أعرف جوابه: ماذا كنا سنفعل فيما لو حرمنا من الهاتف “الذكي” الذي أصبح يملأ بتطبيقاته المتشعبة وقتَ الغنيّ والفقير، اللبيبِ والبليد على حدٍّ سواء؟!

ربما بعضكم يعود لقراءةِ الكتب ومجالسة الأصدقاء والأعمال التطوعيَّة وكسب مزيد من المال، ينام أكثر ويمارس الرياضة مدَّة أطول! أنا شخصيًّا، مع أني أجد منفعةً كبيرة في هذا الاختراع، لولا هذا الابتكار الرائد ما كتبتُ لكم وما عرفتكم من بعيد. مع ذلك أعتقد أنه سيف ذو حدين، أتوق بدونه لحياةٍ واقعية، فيها أحاديث مفيدة عوضًا عن أحاديث التطبيقات الباردة.

من الواضح جدًا منافع هواتفنا “الذكية” التي أصبحت مادةً لا يمكن الاستغناء عنها في حياتنا. خلقت طبقةً من المثقفين، من الكسبة ومن الفنانين والمتطوعين، وسهّلت نواحي عدة من أمورِ الحياة. كما خلقت أيضًا طبقةً من خفيفيّ الوزن، الذين طفوا فوق مياه الشهرة والبهرجة.

الأمر لنا، هي آلة نصنع منها أداةً للفكر والتقدم، أو نَصنع منها أداةً للتخلف وضياعِ الوقت وبوصلة الفكر. أما عالم التقنيات فهو يسير نحو الأمام ويقدم ابتكاراتٍ رائعة. وعلينا -نحن- أن نفرق بين الماءِ النافع والزبد الذي يخرج من بين الماء ويطفو فوقه. وإذا كنا نشعر أن التقدم السريع لبعض التقنيات مرعبٌ ومخيف، فلنحاول إذن الاستفادة من هذا التقدم، دون أن نكون عبيدًا له باختيارنا.

شهران من الإجازة المدرسيَّة، إما يقضيها أطفالنا في الجلوس والكسل وتصفّح الهاتف “الذكي” فيما لا ينفع. أو يقضونها في تعلم أمور دنياهم ودينهم، وإن مع شيءٍ من اللعب والتسلية! تعرفون أن كتبًا كثيرة رائعة يمكن للصغار تحميلها مجانًا وقراءتها، ثم أنتم تقدمون لهم هديَّة رمزية عند الانتهاء من قراءة الكتاب؟ في هذين الشهرين، يمكنهم قراءة عشرة كتب، أو أكثر!

تقنية الهاتف “الذكي” توفر آلاف الكتب يمكن حملها في الجيب، فإذا وجد الإنسان نفسه راغبًا في القراءة؛ ما عليه سوى التنقل في هذه المكتبة، دون أن يقوم من مكانه. كتب لا تعدّ ولا تحصى في صيغة (pdf) وبعضها نادر جدًّا، دون ثمن!



error: المحتوي محمي