من أطال النوم سبقه القوم

أعجبتني عبارة جميلة لجيفارا يقول فيها: عندما تكتفي بنفسك، يصبح وجود الناس في حياتك لطيفًا وغيابهم لا يضر.

عندما قرأتُها عدتُ بذاكرتي قليلًا للخلف وتذكرتُ إحدى الفتيات المحببات لقلبي، فقد عرفتُها مكتفية ذاتيًا بنفسها، تعجبني عندما تصبحُ غرفتها عالمها المتسع بجميع اللغات، أصبحتْ موسوعة ضخمة لزميلاتها في المدرسة، عندما أمسكتُ ورقة اختبارها أذهلتني إجاباتها، كنت المُصححة فمنحتها الدرجة النهائية، لكن بعد المراجعة والتدقيق كادت أن تنقص نصف درجة، آمنت بها وبطاقاتها الاجتهادية، وفي هذه اللحظة شعرتُ بسعادة كبيرة عندما رأيتها.

إنني في هذا اليوم رأيتها في المكان المناسب الذي أرادته هي لنفسها وكما ظنه الكثير فأحسنوا ظنهم بها. كانت مفعمة بالثقة بخطواتها، وكنتُ متفائلة جدًا بوجودها كنموذج مشرّف بين زميلاتها.

عندما تتحدث ينصت لها الجميع، وعندما تختلف زميلاتها في أمر ما، فهي مالك الذي لا يُفتى بوجوده، لا تخشى الاختبارات بل تعتبرها مرحلة جميلة تنتقل من خلالها لمرحلة أخرى.

عندما يستيقظ أبناؤنا على وقع أقدام شبح الاختبارات -كما يسميه البعض- علينا أن نقاوم هذه الضغوطات المشحونة بأجوائنا هذه الفترة ونساعدهم على تخطي هذه المرحلة بسلام.

لا بأس بشيء من فسحة زمنية نقتطعها من وقت الاستذكار، لا تتجاوز عشرين دقيقة، ننشر فيها السعادة والبهجة باستحداث مناسبة مُتجددة، بصناعة جو جميل، ترقص فيه جميع الحواس نشوة وبهجة، يتوقف فيه العقل عن السعي خلف أحجيات الرياضيات ويتوقف عن مطاردة قوانين الكيمياء والفيزياء.

ثم يعاود رحلته بين تحديات النجاح العظيمة التي يفرضها المدّ والجزر على السائرين في ركب الحياة.

وفّق الله أبناءنا لارتياد موارد الجد والاجتهاد وكلّ الأمنيات الصادقة لمن بذل أضعافًا مضاعفة للوصول لأعلى الدرجات العلمية والوظيفية وآمن بأن من أطال النوم سبقه القوم فجاهد جهاد الأبطال في ساحة العلم ووصل لنقطة النهاية بجسارة وبطولة.



error: المحتوي محمي