في تقرير «التنافسية في السفر والسياحة» لعام 2017، والصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي، بلغت مساهمة قطاع السفر والسياحة السعودي في الناتج المحلي الوطني السعودي 60 مليار ريال، وبهذا تكون السعودية ضمن الدول «متوسطة الاعتماد» على قطاع السفر والسياحة في اقتصادها، وجاءت في المرتبة الثانية عربياً بعد الإمارات، في حين تصدرت أميركا دول العالم، تلتها الصين ثم ألمانيا.
توطين السياحة، ملف مهم في «رؤية السعودية 2030» التي تعتبر السياحة قوة ناعمة كبرى، والذراع الاقتصادي المؤثر في تنويع مصادر الدخل الوطني، بل والبوصلة المثبتة في عمق «التحول الوطني» الذي بدأت بعض ملامحه تتجسد على واقع المشهد الوطني.
تلك مقدمة ضرورية، للكتابة عن تجربة وطنية رائدة في صناعة المهرجانات والفعاليات والبرامج السياحية والتراثية والترفيهية والاقتصادية الوطنية في منطقة القصيم التي تتمتع بموقع جغرافي مميز يقع في وسط الوطن، وتجاور العديد من المناطق والمدن المهمة، وتحظى بتضاريس ومناخات وبيئات وثروات وإمكانات لا مثيل لها على الإطلاق.
وتحتل منطقة القصيم التي تضم 13 محافظة، المرتبة السابعة في ترتيب المناطق السعودية الـ13، بمساحة تتجاوز 73 ألف كيلو متر مربع، تُمثّل 3،2 ٪ من إجمالي مساحة السعودية، ويبلغ عدد سكانها قرابة المليون ونصف المليون نسمة.
الكثير من المهرجانات والفعاليات السياحية والتراثية والريفية والاجتماعية والاقتصادية والتي تحمل الكثير من الطموحات والتطلعات القصيمية الجريئة، تستحق الإشادة والإعجاب. والقصيميون بذكائهم الفطري وحسهم التجاري، يعشقون المغامرة والتحدي والمنافسة والصدارة، ولعل تاريخ «العقيلات» بما يحمله من رمزية قصيمية شهيرة، يؤكد على أسبقية وتميز القصيمي في التجارة بمختلف أشكالها ومستوياتها، فالقصيمي بطبعه، تاجر ماهر يعرف جيداً كيف يسوق بضاعته، مهما كانت تلك البضاعة.
التجربة القصيمية في صناعة وابتكار المهرجانات والفعاليات، تستحق أن تُدرس وتُبحث، بل وتُحاكى وتُستنسخ، لأنها ثرية وفريدة.
في العام الواحد، تُقام الكثير من تلك المهرجانات المختلفة في كل محافظات القصيم، وتصل مبيعاتها وأرباحها إلى أرقام فلكية، كما توفر الآف الفرص للوظائف الصغيرة والمؤقتة التي يُقبل عليها القصيمي والقصيمية بشكل كبير، بعيداً عن الصور النمطية التي يحملها شباب المناطق الأخرى لبعض الوظائف البسيطة التي تندرج تحت ثقافة العيب المجتمعي.
المهرجانات والفعاليات المتنوعة، صناعة قصيمية بامتياز، ساهمت بشكل كبير في تنمية المجتمع القصيمي على كافة الصعد والمستويات، وجعلت من القصيم، منطقة جاذبة ومؤثرة وثرية.
عشرات المهرجانات والفعاليات القصيمية التي أصبحت مادة دسمة للإعلام المحلي والخارجي، خاصة وإن القصيمي يُدرك جيداً أهمية وتأثير وخطورة وسائل الإعلام المختلفة، ويملك قدرة فائقة على خلق شبكات كبيرة وكثيرة من العلاقات والمصالح.
مهرجانات التمور في كل المحافظات القصيمية، ومهرجانات الكليجا والفراولة واليقطين والعنب والغضا والسيارات الكلاسيكية والبصر ومعيّة الخبراء وربيع النبهانية، والمهرجانات الصيفية والشتوية التي تنتشر على امتداد المحافظات، والكثير من المتاحف والمزارع والمنزل الريفية، والكثير الكثير من المهرجانات والفعاليات والتفاصيل القصيمية الرائعة، تُعتبر ماركة قصيمية مسجلة.
كل تلك النجاحات القصيمية في صناعة المهرجانات والفعاليات، ما كان لها أن تكون، لولا الاهتمام الكبير الذي يُبديه الرجل الأول في القصيم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم الذي يدعم كل المهرجانات والفعاليات. أيضاً، فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في القصيم بقيادة الإنسان الرائع إبراهيم المشيقح، تستحق الإعجاب والفخر، لأنها الشريك الأساسي لكل تلك النجاحات.