جاء الإذن، يوم أمس، الثالث عشر من يونيو/ حزيران، برفع كِمامة الأفواهِ والأنوف كاملًا -إلا في أماكن مستثناة- بعد فترةٍ طويلة قضيناها مكممين أفواهنا وأنوفنَا. سبحان الله أحسن الخالقين، أجمل ما في أبناءِ آدم وبناته الوجه، الثغر الجميل والابتسامة. في الوجه كل الجمال الظاهريّ للرجال والنساء.
بعد طول مدَّة، نسينا تفاصيل وجوه بعض الأصدقاء، لكن يوم أمس بدَا بعضهم قمرًا طلَّ بعد طولِ احتجاب، وبعضهم حفرت السنتانُ الماضيتان خطوطًا وتجاعيد في وجهه، زادته جمالًا وبهاءً. وما الجمال إلا في عين الناظر:
يقولُ لِيَ الواشونَ لَيلى قَصيرَةٌ *** فَلَيتَ ذِراعًا عَرضُ لَيلى وَطولُها
وَإِنَّ بِعَينَيها لَعَمرُكَ شُهلَةً *** فَقُلتُ كِرامُ الطَيرِ شُهلٌ عُيونُها
وَجاحِظَةٌ فَوهاءُ لا بَأسَ إِنَّها *** مُنى كَبِدي بَل كُلُّ نَفسي وَسولُها
فَدَقَّ صِلابَ الصَخرِ رَأسَكَ سَرمَدًا *** فَإِنّي إِلى حينَ المَماتِ خَليلُها
سحر جمال المرأة في وجهها، ولهذا رُغب في ستره وحجبه عن الناظرين. وأُمرنا -نحن الرجال- بغض البصر {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}. جاء في سبب نزول هذه الآية عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: استقبل شابّ من الأنصار امرأةً بالمدينة وكان النساء يقتنعنَ خلف آذانهنّ، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها ودخل زقاق قد سماه يعني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترضَ وجهه عظمٌ في الحائط أو زجاجة فشقّ وجهه، فلما مضت المرأةُ نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لآتين رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنّه، قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
مرحى بالابتسامة التي غابت سنوات، سنوات نذكرها ونصلي للهِ ألا تعود. سنوات عاثت فسادًا في الأرواح والأموال، وإن -بحمد الله- خفت آلامُ الأرواح، إلا أن تداعياتها على الاقتصادِ لا تزال تسري! مرحى بالتجاعيد، ثمرة السنوات! إنّ الناس لا يريدونها لكنها تأتي. مرحى بالشيب الذي يظهر أبيض جميلًا مثل جمالِ الوقار والرزانة والحلم!
