اضطررت إلى الخروج قبل يومين في مشوار قصير. وفي المشوار القصير صادفت حالتي تصادم، يعني أربع سيارات وأربع خسائر ماديَّة، والمسافة بين الحادثين أقل من كيلومتر واحد! أجزم أنه لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تروا -أنتم- بأعينكم، حادثًا أو أكثر!
الطقس طبيعي جدًّا، الزحام خفيف، السيَّارات من الطراز الحديث، والطريق في حالة جيدة، لم يبق إذًا إلا السائقون هم السبب في الحوادث! لماذا تختلف طباعنا خلف مقود السيارة؟ ليِّن، هيِّن، ثم خلف مقود السيارة، رأسي وألف سيف، أنا الأول في كلِّ شيء، السرعة، التجاوز على القانون، عدم احترام الغير، الانشغال التامّ عن الطريق!
ما أحلاها، تلك السيَّارة، انتظرناها عدَّة أسابيع حتى تصل من المورد بالمواصفات التي اخترناها! دفعنا فيها دم قلوبنا، ثم بعد مدَّة قصيرة جدَّا هي تحت مطارق الإصلاح، والآن قيمتها نصف ما اشتريناها به! تعرفون أن السيَّارات الحديثة، إذا استعملها مالكها بالمعقول، ولم يصبها حادث، تدوم عشرات السنين وتقطع مئات الآلاف من الكيلومترات؟ ونحن بالكاد سنة أو اثنتين ثم نشتري سيَّارة غيرها!
بعض أنواع السيَّارات الفخمة قيمتها نحو نصف مليون ريال -نصف أو ثلث قيمة منزل- وعشرات الآلاف مبالغ صيانة وتأمين، حادث واحد مع سيارة قيمتها عشرة آلاف ريال، يمكنه أن يهبط بقيمتها إلى ما دون النصف والربع!
في اليوم الختاميّ لمؤتمر السلامة المرورية لعام 2019م، ذكر المختصون أن قيمة التعويضات التي قدمتها شركاتُ تأمين المركبات في المملكة العربية السعودية بلغ 8,314 مليار ريال في العام 2017م وقدروا قيمةَ الخسائر الماديَّة الناجمة عن حوادث المركبات بأكثر من 10 مليارات ريال (2,67 مليار دولار) سنويًا، إضافة لخسائر الأرواح المصاحبة للخسائر المادية!
عن الإمام الصادق (عليه السلام): “إن العبد ليبسط يديه يدعو الله ويسأله من فضله مالًا فيرزقهُ، فينفقه فيما لا خيرَ فيه، ثم يعود فيدعو، فيقول الله: ألم أعطك؟! ألم أفعل بك كذا وكذا؟”. تكاليف اقتصادية تتحملها الأسر بسبب حوادث السيارات، في حين يمكن بسهولة توفير هذه التكاليف وتوجيهها نحو أولويات تنمية الأسرة وفي مطالب أساسيَّة.
