مرحبًا بفصل الصيف.. ربَّنا لا تجمع علينا نارين!

لم يكد فصلُ الصيف يبدأ، إلا وصار جوّ النهارِ قطعةً من نار! نصف السنةِ تقريبًا نقضيه بين حرارة جوّ ورطوبة. وبحسبة بسيطة نقضي نصفَ العمر في جوّ حارّ ورطب. أي نعم، فصل الصيف عندنا جميل، فيه ينضج الرطب وبعض الفواكه والثمار، لكنه حارّ جدًّا وطويل. الحركة شاقة في النهار بسبب ارتفاع الحرارة والليل فيه رطوبة مشبعة تأخذ الأنفاس.

يحكي القرآنُ الكريم والأحاديث النبويَّة عن موازين الحرارة في جهنَّم، يوم القيامة، بصورة لا يكاد خيال الإنسان الذي يعيش في الدنيا أن يعيها، وأن يتصورها، فنحن معتادون على درجة حرارة غليانِ الماء، ودرجات حرارة انصهار المعادن، ودرجة حرارة الجو. أما حرارة نار جهنَّم فيبدو أنها في مقياسٍ آخر!

فإذا كانت حرارة باطن الأرض تبلغ ستَّة آلاف درجة مئويَّة، أو أكثر، ودرجة غليان الماء هي 100 درجة مئويَّة، هل رأيتم الفرق؟ والضغط المصاحب لحرارةِ باطن الأرض نحو 360 جيجا باسكال، مقارنة بضغط الغلاف الجويّ الذي نعيش فيه وهو نحو 101,325 باسكال!

الحمد لله، لئن كان هذا هو قسطنا من الحرارة، نأخذه نقدًا قبل الموت، فتلك نعمة ما فوقها نعمة. عن رسول الله (صلى اللهُ عليه وآله): “الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر”. أما إذا اجتمع علينا حرّ الدنيا وحرّ الآخرة، فذلك هو الخسران المبين.

هل تظنون أن الله لن يعوضنا برد الجنَّة ونعيم الآخرة بدلًا من حرارةِ الدنيا؟ كيف وهو الذي يعطي العشرةَ والمائة والألف والمليون بواحد، يمحو السيِّئة ويعفِّيها؟ وكأننا إذ لم ندرك مقاييس العذاب، لم ندرك مقاييس الرحمة: سمع الإمامُ زين العابدين (عليه السلام) قولَ الحسن البصري: ليس العجب ممن هلكَ كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا. فقال: أنا أقول: ليس العجب ممن نجا كيف نجا، وأما العجب ممن هلكَ كيف هلك مع سعةِ رحمةِ الله!

أتعجبون إذن من رحمة الله أن يتجاوز عن خطايانا ويعفينا من حرارة نار الآخرة، عوضًا عما نقاسيه ونعانيه في الدنيا؟ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}، آية تعلن بصراحة أن جميع الذنوب والمعاصي قابلة للمغفرة والعفو، إلا “الشرك” فإنه لا يُغفر أبدًا!

ولكي تفرحوا أنتم المؤمنون: قال الصادق (عليه السلام): ما يخرج مؤمنٌ من الدنيا إلا برضا منه وذلك أن الله يكشف له الغطاء حتى ينظر إلى مكانه من الجنَّة، وما أعدَّ الله له وتُنصب له الدنيا كأحسن ما كانت ثم يخير فيختار ما عند الله ويقول: ما أصنع بالدنيا وبلائها فلقّنوا موتاكم كلماتِ الفرج.



error: المحتوي محمي